العقوبات في الآخرة، وهي جهنم التي أعدّت للكافرين. و (أَنْ كَذَّبُوا) بمعنى: لأن كذبوا، ويجوز أن تكون (أن) بمعنى: أى؛ لأنه إذا كان تفسير الإساءة التكذيب والاستهزاء؛ كانت في معنى القول، نحو: نادى. وكتب، وما أشبه ذلك. ووجه آخر: وهو أن يكون (أَساؤُا السُّواى) بمعنى اقترفوا الخطيئة التي هي أسوأ الخطايا، و (أَنْ كَذَّبُوا) عطف بياٍن لها، وخبر (كان) محذوف كما يحذف جواب (لما) و (لو)؛ إرادة الإبهام.
والعِبْرةُ بقولنا:{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً}؛ لِيُقلعوا عمّا كانوا عليه منَ العِنَاد والتَّكذيب، ثمَّ بعدَ ذلك لم يكن عاقبتُهم إلاّ الفَعْلةَ السَّوأي والتَّكذيب، والله أعلم.
قال القاضي: وُضِع الظّاهرُ مَوضِعَ المُضمَر للدَّلالة على أنَّ ما اقتَضى أن تكونَ تلك عاقبتَهم هو أفعالُهم السّوأي، بمعنى اقتَرفوا الخطيئةَ.
فعلى هذا: الإساءةُ أعمُّ من أن تكون قوليةً أو فعليةً، وعلى أن تكون ((أن)) مفسِّرة يجب أن تكونَ قوليَّةً لا فعليةً؛ ليصحَّ جَعْلُها بمعنى القولِ، وإليه الإشارةُ بقوله:((تفسير الإساءة التكذيب والاستهزاء)).