للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)] ٢٨ [

فإن قلت: أى فرق بين (من) الأولى والثانية والثالثة في قوله تعالى: (مِنْ أَنْفُسِكُمْ)، (مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ)، (مِنْ شُرَكاءَ)؟ قلت: الأولى للابتداء، كأنه قال: أخذ مثلًا وانتزعه من أقرب شيٍء منكم وهي أنفسكم ولم يبعد، والثانية للتبعيض، والثالثة مزيدة لتأكيد الاستفهام الجاري مجرى النفي. ومعناه: هل ترضون لأنفسكم؛ وعبيدكم أمثالكم بشر كبشٍر وعبيد كعبيد، أن يشارككم بعضهم (فِي ما رَزَقْناكُمْ) من الأموال وغيرها، ما تكونون أنتم وهم فيه على السواء، من غير تفضلةٍ بين حرّ وعبد: تهابون أن تستبدوا بتصرف دونهم، وأن تفتاتوا بتدبيٍر عليهم كما يهاب بعضكم بعضًا من الأحرار، فإذا لم ترضوا بذلك لأنفسكم، فكيف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في {عَلَيْهِ} - لله؛ أي: ضرَب اللهُ قولَه: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} مثلاً فيما يَصعُب ويَسهُل عندكم، وينقاسُ على أُصولِكُم، لا التفسير الثاني، وهو أن يَرجِعَ الضَّميرُ إلى الخَلْقِ.

قوله: (أن يَشارِكَكُم بعضُهم) مفعول ((تَرضونَ))، و ((عبيدكم أمثالكم)) حالٌ من فاعلِه.

قوله: (تكونون أنتُم وهم فيه على السَّواء) والجملةُ بيانُ: ((أنْ يُشارِكَكُم)).

قوله: (تَهابُون أن تَستَبِدُّوا) تفسيرٌ لقولِه: {تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ}.

وقال أبو البقاء: {تَخَافُونَهُمْ} في موضع الحالِ من ضمير الفاعل في {سَوَاءٌ}؛ أي: فتساوَوْا خائفًا بعضُكم بعضًا مشاركتَه له في المال، أي: إذا لم ترضَوْا أن يُشارِكَكم عبيدُكم في المال، فكيف تشرِكون في عبادة الله مَن هو مصنوعٌ لِله تعالى؟ !

قوله: (وأن تفتاتوا بتدبير عليهم)، الأساس: فاتني بكذا: سبقني به وذهب به عني،

<<  <  ج: ص:  >  >>