للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بـ (يأتي)، فيكون المعنى: من قبل أن يأتى من الله يوم لا يردّه أحد، كقوله تعالى: (فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها)] الأنبياء: ٤٠ [أو بـ (مردّ)، على معنى: لا يردّه هو بعد أن يجيء به، ولا ردّ له من جهته. والمردّ: مصدر بمعنى الردّ، (يَصَّدَّعُونَ) يتصدّعون: أى يتفرّقون، كقوله تعالى: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ)] الروم: ١٤ [.

[(مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (٤٤) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ)] ٤٤ - ٤٥ [

(فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ) كلمة جامعة لما لا غاية وراءه من المضارّ؛ لأنّ من كان ضاره كفره؛ فقد أحاطت به كلّ مضرّةٍ (فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) أى: يسؤون لأنفسهم ما يسوّيه لنفسه الذي يمهد فراشه ويوطئه، لئلا يصيبه في مضجعه ما ينبيه عليه وينغص

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أو بـ {مَرَدَّ} أي يتعلق قوله: {مِنَ اللَّهِ} بـ {مَرَدَّ}، و {مِنَ} ابتدائيةٌ؛ ولهذا قال: ((من جهتِه))، والوجهُ الأوّلُ أبلغُ لإطلاق الردِّ وتَفخيمِ اليومِ، وإن إتيانَه من جهة عظيمٍ قادرٍ ذي سلطان قاهرٍ.

قوله: ({فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ} كلمةٌ جامعةٌ) أي: قليلةُ الألفاظِ عظيمةُ المباني وافرةُ المعاني ونظيرُه ما وَردَ في الحديث يومَ بدرٍ: ((هذا يومٌ له ما بعدَه) أي: ما يعدهُ من الظفر والنُّصرة؛ إذ هو فتحُ الفتوح، وبه يدخل الناس في دِين الله أفواجًا إلى قيام القيامة. ومنه قوله تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧، ٨].

قوله: (لئلاّ يُصيبَه في مَضْجَعِه ما يُنيبه عليه) من النُّبُوّ، أي: يجعله نابيًا، يقال: نَبَا على المَضْجَع: إذا لم يستقرَّ عليه، وأنباه عليه غيرُه: وتقول العرب: الصِّدقُ يُنبي عنك لا الوعِيد، أي: يُبعِدُ عنك العدوَّ.

الأساس: نَبَا به منزله وفِراشُه. قال:

فأقم بِدارٍ ما أصبتَ كرامةً … وإذا نَبا بك منزلٌ فتحوَّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>