للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بذلك الجواب الحكيم: أتى في المنام فقيل له: اذبح ابنك، ورؤيا الأنبياء وحي كالوحي في اليقظة؛ فلهذا قال: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ}، فذكر تأويل الرؤيا، كما يقول الممتحن وقد رأى أنه راكب في سفينة: رأيت في المنام أني ناج من هذه المحنة. وقيل: رأى ليلة التروية كأن قائلًا يقول له: إن الله يأمرك بذبح ابنك هذا، فلما أصبح رَوَّا في ذلك من الصباح إلى الرواح: أمن الله هذا الحلم أم من الشيطان؟ فمن ثم سمي يوم التروية، فلما أمسى رأى مثل ذلك، فعرف أنه من الله، ثم سمي يوم عرفة، ثم رأى مثله في الليلة الثالثة، فهم بنحره؛ فسمي اليوم بيوم النحر. وقيل: إن الملائكة حين بشرته بغلام حليم قال: هو إذن ذبيح الله. فلما ولد وبلغ حد السعي معه قيل له: أوف بنذرك.

{فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} من الرأي على وجه المشاورة. وقرئ: (ماذا تري)، أي: ماذا تبصر من رأيك وتبديه، و (ماذا ترى) على البناء المفعول، أي: ماذا تريك نفسك؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (بذلك الجواب الحكيم) وذلك أنه فوض الأمر إليه في استشارته بقوله: {فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى}، وكان من الظاهر أن يجيب: افعل أولا تفعل، فأجاب بقوله: {افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ}، أي ليس هذا من مقام المشاورة؛ لأن الواجب عليه إمضاء ما أمرت به وامتثال أمر ربك.

قوله: (وقيل إن الملائكة حين بشرته) عطف على قوله: "وقيل: رأى ليلة التروية".

فإن قيل: فعلى هذا لا يلزم أن يكون قد رأى شيئًا، فما يصنع بقوله: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَام}؟ فيقال: يمكن أنه قد رأى رؤيا بعد قول الملائكة، وقيل له فيها: أوف بنذرك، تأكيدا لوفاء النذر.

قوله: ("وماذا ترى" على البناء المفعول) حمزة والكسائي: "ماذا تري"؛ بضم التاء

<<  <  ج: ص:  >  >>