الحمد للَّه الذي آجدني بعد ضعف، وأوجدني بعد فقر. (بِرُوحِ الْقُدُسِ): بالروح المقدّسة، كما تقول: حاتم الجود، ورجل صدق. ووصفها بالقدس كما قال:(وَرُوحٌ مِنْهُ) فوصفه بالاختصاص والتقريب للكرامة. وقيل: لأنه لم تضمه الأصلاب، ولا أرحام الطوامث. وقيل بجبريل. وقيل بالإنجيل كما قال في القرآن:(رُوحاً مِنْ أَمْرِنا)[الشورى: ٥٢]. وقيل: باسم اللَّه الأعظم الذي كان يحيى الموتى بذكره. والمعنى: ولقد آتينا يا بنى إسرائيل أنبياءكم ما آتيناهم َفَكُلَّما جاءَكُمْ ......
الجوهري: ناقة أجد: إذا كانت قوية موثقة الخلق، وآجدها الله، وهي موجدة القرا، أي: موثقة الظهر.
قوله:(كما تقول: حاتم الجود)، والأصل حاتم الجواد، ثم حاتم الجود. فهو من باب إضافة الموصوف إلى الصفة للمبالغة في الاختصاص، ففي الصفة القدس منسوب إليها، أي: روح مقدسة، وفي الإضافة بالعكس، نحو: مال زيد. قال المصنف في قوله:(عَذَابَ الْخِزْيِ)[فصلت: ١٦]: أضاف العذاب إلى الخزي على أنه وصف للعذاب كما تقول: فعل السوء، تريد الفعل السيئ.
قوله:(كما قال: (وَرُوحٌ مِنْهُ)[النساء: ١٧١])، التشبيه واقع للمبالغة في الكرامة، أي: فوصفها بالقدس للكرامة، كما وصفه بالاختصاص للكرامة. الفاء في قوله:"فوصفه" تفسيرية، لأنه لا يجوز تشبيه الوصف بالقول ففسره بالوصف ليصح.
قوله:(وقيل: لأنه لم تضمه) عطف من حيث المعنى على قوله: "ووصفها بالقدس"، أي: وصف روح عيسى بالقدس، لمطلق طهارته وبراءته عن الرذائل، وقيل:"لأنه لم تضمه الأصلاب".