وقلت: في قوله: (بَلْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ) ترق إلى الأغلظ، ورد لقولهم مما ادعوه أبلغ رد، كأنهم قالوا: نحن من الذين ختم الله على قلوبهم، فردوا: بل أنتم مطرودون، وأكفر منهم حيث جعلتم ما هو سبب للإيمان سبباً للكفر قديماً كما قال:(أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ)[البقرة: ٨٧] وحديثاً حيث جاءكم كتاب من عند الله مصدق لما معكم، ورسول كنتم تستفتحون بقدومه على الكفار، فكذبتم بالكتاب وكفرتم بالرسول، فلذلك كرر اللعنة، وجعله تتميماً للآية بقوله:(فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ) وعقبه بقوله: (فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ)[البقرة: ٩٠].
قوله: (و"ما" مزيدة) قال أبو البقاء: "ما" مزيدة و"قليلاً" صفة مصدر محذوف أي: فإيماناً قليلاً ما يؤمنون، وقيل: صفة لظرف، أي: فزماناً قليلاً يؤمنون، ولا يجوز أن تكون "ما" مصدرية لأن "قليلاً" لا يبقى له ناصب. وقيل: نافية، وفيه ضعف لتقدم معمول "ما" في حيز "ما" النافية عليها.
قوله:(بمعنى العدم)، النهاية: هذا اللفظ يستعمل في نفي أصل الشيء كما جاء في الحديث: "أنه كان يقل اللغو" أي: لا يلغو أصلاً. ومنه قول الحماسي: