للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس: ٩٩]، والدليل على أنّ المعنى هو الإلجاء إلى الإيمان: قوله: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس: ٩٩]، وقوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ} -بإدخال همزة الإنكار على المكره دون فعله- دليل على أنّ الله وحده هو القادر على هذا الإكراه دون غيره.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (والدليل على أن المعنى هو الإلجاء إلى الإيمان: قوله: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}): وقلت: الدليل عليه لا له؛ لأنه تقرر عند علماء المعاني أن مثل هذا التركيب يفيد حصول الفعل قطعًا، لكن الكلام في الفاعل: أنه هل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم أم الله عز وجل؟ فدلت همزة الإنكار على نفي أن يكون الفاعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيختص بالله، فيكون الإكراه موجودًا.

أما قضية النظم: فإن الكلام في قوله: {والَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ ومَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ} سيق لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شدة الحرص على إيمان قوم اتخذوا من دون الله أولياء، ونزل لذلك منزلة مدع أنه وليهم ونصيرهم، وهو الوكيل على غرس الإيمان في قلوبهم، حتى رد بقوله: {ومَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ}، وعلل ذلك بقوله: {ولَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً} الآية، يعني: أن ذلك لأجل أن المشيئة ما تعلقت بإيمانهم، ولم يرد الله أن يدخلهم في رحمته، فوضع "الظالمون" موضع ضمير المتخذين من دون الله أوليا؛ ليؤذن بأن الشرك ظلم عظيم، وذلك الذي منع عن النصرة والتوكيل عليهم، وذلك الذي أبعدهم من رحمته الواسعة، وكان أصل الكلام: ولكن يدخل من يشاء في غضبه. فوضع موضعه {والظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن ولِيٍّ ولا نَصِيرٍ}؛ غضبًا على أولئك المتخذين من دونه أولياء، وسخطًا على سوء صنيعهم؛ فاللام في {والظَّالِمُونَ} للعهد.

ويجوز أن يكون للجنس، فيدخلوا فيه دخولًا أوليًا.

وما يدل على التقابل: قول المصنف: "ألا ترى وضعهم في مقابلة "الظالمين"؟ "، يعني: دل وضع {مَن يَشَاءُ} في مقابلة "الظالمين" على أن ذلك المطلق مقيد بما يقابل هذا المعين، وما

?

<<  <  ج: ص:  >  >>