للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واشتهروا سخاؤه، إن بلغك حديثه وحدثت بقصته.

[{بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ * فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَاتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ * رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} ٩ - ١٢]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثم ألزمهم بعد هذا التقرير البليغ كلمة التقوى، وهي {لا إلَهَ إلاَّ هُوَ يُحْيِي ويُمِيتُ}، ثم خص التربية بهم وبأسلافهم جاريًا على سنن الخطاب {رَبُّكُمْ ورَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ}، ومقررًا لمزيد توخي شكر تلك الرحمة السنية، وهذه النعمة الجليلة.

ثم لفرط عنادهم وعدم إيقانهم التفت من الخطاب في قوله {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ}، فبعدهم وطردهم؛ إيذانًا بأنهم مع إيقانهم ذلك منزلون منزلة الشاكين، حيث لم يعملوا بموجبه، وخلطوا مع اليقين الهزء واللعب، كما قال: " قول مخلوط بهزء ولعب".

ثم التفت إلى حبيبه صلوات الله عليه مسليًا له وإقناطًا من إيمانهم، بقوله: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَاتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ}، فقابل إنزال الكتاب بإنزال العقاب من السماء، يعني: إنزال الكتاب رحمة لهم، وحين أعرضوا عنه انتظر إنزال العذاب، وأسند"العذاب" إلى "السماء"، وإن كان هو الفاعل حقيقة؛ ليكون على وزان قوله تعالى: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٧]، والله أعلم بأسرار كلامه.

قوله: (إن بلغك حديثه): عن بعضهم: فائدة قوله: "إن بلغك حديثه": التنبيه للمخاطب أن من حقك أن تكون عالمًا به، ولا تكون غافلًا عن مثله، فتغتر به، فإنه من أمر عظيم، فكذلك الشرط في الآية، ويراد تعيير المخاطب على الغفلة عنه.

ويروى: "واشتهروا سخاءه" بالنصب؛ لأن"اشتهر" يستعمل لازمًا ومتعديًا.

?

<<  <  ج: ص:  >  >>