للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونفى ذلك عنهم في قوله تعالى: {فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ}، فيه تهكم بهم وبحالهم المنافية لحال من يعظم فقده، فيقال فيه: بكت عليه السماء والأرض. وعن الحسن: فما بكى عليهم الملائكة والمؤمنون، بل كانوا بهلاكهم مسرورين، يعني: فما بكى عليهم أهل السماء وأهل الأرض.

{وَما كانُوا مُنْظَرِينَ} لما جاء وقت هلاكهم لم ينظروا إلى وقت آخر، ولم يمهلوا إلى الآخرة، بل عجل لهم في الدنيا.

[{وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ * مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كانَ عالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ} ٣٠ - ٣١]

{مِنْ فِرْعَوْنَ} بدل من {العَذَابِ المُهِينِ}، كأنه في نفسه كان عذابًا مهينًا، لإفراطه في تعذيبهم وإهانتهم، ويجوز أن يكون المعنى: من العذاب المهين واقعًا من جهة فرعون. وقرئ: "من عذاب المهين"، ووجهه: أن يكون تقدير قوله: {مِنْ فِرْعَوْنَ}: من عذاب فرعون، حتى يكون المهين هو فرعون.

وفي قراءة ابن عباس: "من فرعون؟ "، لما وصف عذاب فرعون بالشدة والفظاعة، قال: "مَن فرعون"؛ على معنى: هل تعرفونه من هو في عتوّه وشيطنته، ثم عرف حاله في ذلك بقوله: {إِنَّهُ كانَ عالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ} أي: كبيرًا رفيع الطبقة من بينهم فائقًا لهم، بليغًا في إسرافه، أو عاليًا متكبرًا، كقوله: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ} [القصص: ٤]، {ومِنَ الْمُسْرِفِينَ} خبر ثان، كأنه قيل: إنه كان متكبرًا مسرفًا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (واقعًا من جهة فرعون): قال القاضي: "هو على هذا الحال من {العَذَابِ المُهِينِ} ".

قوله: {مِّنَ المُسْرِفِينَ} خبر ثان): يؤذن أنه إذا فسر {عّالِيًا} بـ"متكبر" يكون {مِّنَ المُسْرِفِينَ} خبرًا ثانيًا، وإذا فسر بـ"كبير" لا يكون خبرًا، قال القاضي: "هو حينئذ حال من

?

<<  <  ج: ص:  >  >>