ونفى ذلك عنهم في قوله تعالى:{فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ}، فيه تهكم بهم وبحالهم المنافية لحال من يعظم فقده، فيقال فيه: بكت عليه السماء والأرض. وعن الحسن: فما بكى عليهم الملائكة والمؤمنون، بل كانوا بهلاكهم مسرورين، يعني: فما بكى عليهم أهل السماء وأهل الأرض.
{وَما كانُوا مُنْظَرِينَ} لما جاء وقت هلاكهم لم ينظروا إلى وقت آخر، ولم يمهلوا إلى الآخرة، بل عجل لهم في الدنيا.
{مِنْ فِرْعَوْنَ} بدل من {العَذَابِ المُهِينِ}، كأنه في نفسه كان عذابًا مهينًا، لإفراطه في تعذيبهم وإهانتهم، ويجوز أن يكون المعنى: من العذاب المهين واقعًا من جهة فرعون. وقرئ:"من عذاب المهين"، ووجهه: أن يكون تقدير قوله: {مِنْ فِرْعَوْنَ}: من عذاب فرعون، حتى يكون المهين هو فرعون.
وفي قراءة ابن عباس:"من فرعون؟ "، لما وصف عذاب فرعون بالشدة والفظاعة، قال:"مَن فرعون"؛ على معنى: هل تعرفونه من هو في عتوّه وشيطنته، ثم عرف حاله في ذلك بقوله:{إِنَّهُ كانَ عالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ} أي: كبيرًا رفيع الطبقة من بينهم فائقًا لهم، بليغًا في إسرافه، أو عاليًا متكبرًا، كقوله:{إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ}[القصص: ٤]، {ومِنَ الْمُسْرِفِينَ} خبر ثان، كأنه قيل: إنه كان متكبرًا مسرفًا.
قوله:(واقعًا من جهة فرعون): قال القاضي: "هو على هذا الحال من {العَذَابِ المُهِينِ} ".
قوله:(و {مِّنَ المُسْرِفِينَ} خبر ثان): يؤذن أنه إذا فسر {عّالِيًا} بـ"متكبر" يكون {مِّنَ المُسْرِفِينَ} خبرًا ثانيًا، وإذا فسر بـ"كبير" لا يكون خبرًا، قال القاضي: "هو حينئذ حال من