شاكراً فمثاب، وأما كفوراً فمعاقب". وقال الإمام: "هذه القراءة تُقوي تأويل أهل السنة. المعنى: إنا هديناه السبيل، ثم جعلناه تارة شاكراً وتارة كفوراً، كما في قوله تعالى:{إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ}[التوبة: ١٠٦]".
وقلت: الآية كما سبق، من باب الجمع مع التقسيم مع والتفريق، فمعنى {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ}: إنا دللناه على طريقي الخير والشر، بإرسال الرسل وإنزال الكنب ونصب الأدلة، ليمتاز السعيد من الشقي والشاكر من الكفور: أما شاكراً، فبما خلقناه سعيداً، وأما كفوراً، فبإقدارنا إياه شقياً. ثم فرق بينهما بقوله:{إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا}، وقوله:{إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ}.
قوله: (وقُرئ: {سَلَاسِلَا} غير منون، و"سلاسلاً"، بالتنوين)، نافع والكسائي وهشام وأبو بكر، والباقون: بغير تنوين. قال الزجاج: "الأجود أن لا ينصرف، ولكن لما جعلت رأس آية صُرفت، ليكون آخر الآي على لفظ واحد".
وفي الكواشي: "القراءة: "سلاسلاً" منوناً مصروفاً وإن كان جمعاً ليس على وزانه مُفرد، لأن الأصل الصرف. ولذلك طائفة من العرب يصرفون كل ما لا ينصرف، إلا أفعل منك،