ويجوز أن تجعل (مُتَّكِئِينَ) و (لا يَرَوْنَ) و (ودَانِيَةً) كلها صفات ل- (جَنَّةً). ويجوز أن يكون (ودَانِيَةً) معطوفة على (جَنَّةً)، أي: وجنة أخرى دانية عليهم ظلالها، على أنهم وعدوا جنتين، كقوله (ولِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ)[الرحمن: ٤٦]، لأنهم وصفوا بالخوف:(إنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا)[الإنسان: ١٠].
فإن قلت: فعلام عطف (وذُلِّلَتْ)؟ قلت: هي، إذا رفعت (ودَانِيَةً)، جملة فعلية معطوفة على جملة ابتدائية، وإذا نصبتها على الحال، فهي حال من «دانية»، أي: تدنو ظلالها عليهم في حال تذليل قطوفها لهم، أو معطوفة عليها على: ودانية عليهم ظلالها، ومذللة قطوفها؛ وإذا نصبت (ودَانِيَةً) على الوصف، فهي صفة مثلها؛ ألا ترى أنك لو قلت: جنة ذللت قطوفها كان صحيحاً ....
قُرئت بالرفع تكون الجملة الاسمية حالاً؛ فالواو للحال لا للعطف، وذو الحال الضمير في {لَا يَرَوْنَ}، والحال متداخلة لأن {مُّتَّكِئِينَ} قيل: حال من مفعول {وَجَزَاهُم}، و {لَا يَرَوْنَ} من ضمير {مُّتَّكِئِينَ}. وإنما قيل:{وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ}، ولم يقل: منهم، لأن الظلال عالية عليهم.
قوله:(أن تجعل {مُّتَّكِئِينَ} و {لَا يَرَوْنَ})، قيل: في جعل {مُّتَّكِئِينَ} صفة ضعف، لأنه حينئذ جار على غير من هو له، فكان يجب إبراز الضمير.
قوله:(جملة فعلية معطوفة على جملة ابتدائية)، فيه لطيفة، وهي أن استدامة الظل مطلوبة هناك. واما التذليل للقطف، فهو على التجدد شيئاً غِبَّ شيء، قال الزجاج:"كلما أرادوا أن يقطعوا شيئاً منها ذُلِّلَ لهم ودنا منهم، قعوداً كانوا أو مضطجعين أو قياماً".