للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: ما معنى «كانت»؟ قلت: هو من «يكون» في قوله (كُن فَيَكُونُ) [البقرة: ١١٧] أي: تكوّنت قوارير، بتكوين الله تفخيماً لتلك الخلقة العجيبة الشأن، الجامعة بين صفتي الجوهرين المتباينين. ومنه «كان» في قوله: (كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً)، وقرئ: «قوارير من فضة»، بالرفع على: هي قوارير (قَدَّرُوهَا) صفة ل- «قوارير من فضة»؛ ومعنى تقديرهم لها: أنهم قدروها في أنفسهم أن تكون على مقادير وأشكال على حسب شهواتهم، فجاءت كما قدّروا. وقيل: الضمير للطائفين بها، دل عليهم قوله (ويُطَافُ عَلَيْهِم) [الإنسان: ١٥]، على أنهم قدروا شرابها على قدر الري، وهو ألذ للشارب لكونه على مقدار حاجته لا يفضل عنها ولا يعجز. وعن مجاهد: لا تفيض ولا تغيض. وقرئ: «قدروها»، على البناء للمفعول، ووجهه أن يكون من: قدر، منقولاً من: قدر، تقول: قدرت الشيء وقدرنيه فلان؛ إذا جعلك قادراً له. ومعناه: جعلوا قادرين لها كما شاؤوا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أي: تكونت قوارير)، "قوارير": حال، كما يقال: خُلِقَتْ قوارير.

قوله: (وقيل: الضمير للطائفين)، أي: الواو في {قَدَّرُوهَا}، وفي معناه أنشد المصنف لأبي تمام:

فلو صَوَّرت نفسك لم تزدها على ما فيك من كرم الطباع

قوله: (ووجهه أن يكون من قُدر، منقولاً من قدر)، قال صاحب "الكشف": "أو هو من المقلوب، على تقدير: قَدِرت عليهم، أي: على ربهم، كما قالوا: إذا طلعت الجوزاء انتصب العود على الحرباء، أي: انتصب الحرباء على العود".

<<  <  ج: ص:  >  >>