قد صرح به الغزالي في مراتب الحديث كما سبق نقله, فنقيس على ذلك غيره.
[فصل:(تسمية الكمال من طلبة العلم)]
اعلم أن من حصل مراتب الاستقصاء من كل فن من الفنون الشرعية والآلية يسّمى "كاملاً" في العلوم أو "تكميلاً", وقليل ما هم, ويجوز إطلاقه على من حصل مراتب الاقتصاد - بالدال- من كل فن منها باعتبار أنه متهيء للكمال تهيؤاً قريباً, وذلك مجاز بعلاقة الأول, كما يسّمى الخمر قبل الشرب مسكراً.
وأما إطلاقه على من لم يحسن بعض الفنون المعتبرة وحصل من بعضها مرتبة الاقتصار - بالراء- ومن بعضها مرتبة الاقتصاد فلا يصح ذلك لا حقيقة ولا مجازاً, إلاّ أن يراد كماله في فن معين بلغ منه مرتبة الاستقصاء أو الاقتصاد - بالدال - وقد يسمى في زماننا بعض الطلبة "تكميل المواد" ومعناه أنه كامل في تحصيل العلوم الآلية من العقلية والنقلية.
أقول: ومن العلوم الآلية, أصول الفقه وأصول الحديث وعلم التجويد ومبادئ الكلام مثل مباحث الجواهر والأعراض, وما تضمنه مغني اللبيب في النحو وما تضمنته الشافية في التصريف.
نرى أكثر من يسمون "تكميل المواد" في زماننا لم يحصل أكثر العلوم الآلية, وإنما يسمون كذلك لأن المادة عند الجهلة اسم لبعض نسخ المنطق والفلسفة, وأولئك الطلبة درسوا نسخها المتداولة, وترى بعض "التكميل" في زماننا لا يقدر على قراءة القرآن نظراً, وما قرأه لا تصح به الصلاة لما فيه من الألحان الجلية, ولا يعرف اصطلاحات الفقه, ولم يحصل بضاعة من أصول الفقه, وهكذا ... بل لا يفهم أكثر ما اشتغل به من الفنون, فلا