للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني من فصلي المقصد الأول في بيان التدبيرات الردية]

-منها سلوك من لم يرزقه الله تعالى حدة الذهن، مسالك الأذكياء، فكم من طالب لا يقدر إلا على تحصيل جليات العقائد والفقه، يشتغل بالنسخ المغلقة والفنون الدقيقة، فيدع السعي فيما يمكن له تحصيله ويصرف أيامه في الوثوب إلي ما لا تصل إليه يده، فيحرم عن جميع المطالب العلمية، ويكون في النهاية كأنه بدأ أول مرة.

وهذا الضلال ناشئ من استنكاف البليد عن ترك السلوك إلي مسالك الأذكياء، أو من جهلة بمرتبة نفسه. قال في الإحياء: يظن كل أحد أنه أهل كل علم دقيق، فما من أحد إلا وهو راضٍ عن الله تعالى في كمال عقله، انتهى.

أقول: فيجب على العالم المدرس أن يمتحن استعداد الطالب، فيرشده إلي ما يساعده استعداده، ويمنعه عما لا تصل إليه يده، لكن لما كان غرض أكثر المدرسين في زماننا الرياء والافتخار بكثرة أهل مجلس درسهم أهملوا تلك النصيحة خشية أن لا يحضر الطالب القاصر مجلس درسهم، فلو أن ذلك القاصر اشتغل في أيام تحصيله بما تيسر له من العلوم النافعة لحصل له سعادة الدنيا والآخرة.

<<  <   >  >>