- ومنها أن من شرع في فن بالنسخة المتضمنة لدقائق ذلك الفن، كالحواشي والشروح، لا يتضح له مقاصد ذلك الفن. وقال في الإحياء: من وظيفة المعلم أن يمنع المتعلم من التشاغل بعلم خفي قبل الفراغ من الجلي.
وقال فيه: ينبغي أن يحترز الخائض في علم، في مبدأ الأمر، عن الإصغاء إلي الوجوه والاختلافات، فان ذلك يدحش عقله ويحير ذهنه. وفي تعليم المتعلم: ينبغي أن يبتدئ من العلوم يكون أقرب إلي الفهم، انتهي.
أقول: وتمثل ذلك بمن أراد بناء بيت فيضع حجراً فيصبغه وينقشه ثم آخر كذلك، فيقال له: أتم بناء البيت جراداً ثم أقول: المبتدئ يقتدي بعادات أسلافه، وعادة أهل الزمان كذلك، لكنها ليست بعادة العلماء المعتبرين.
ومنذ ما حدثت تلك العادة قصرت الطلبة عن إدراك الفنون ولم يأت منهم مثل الأولين.
- ومنها أن بعض المدرسين يقرر على الطالب المبتدئ الأسئلة والأجوبة الدقيقة ويذكر قواعد الفنون بشيء من المناسبة، والطالب المبتدئ لا يفهم أكثرها ويمر أكثر الكلمات على أذنيه كأصوات الرحى، ويأخذه النعاس ويذهب نشاطه ويكل ذهنه، والقدر الذي يفهمه ويحفظه ينسى أغلبه قبل أن يقوم من مجلس الدرس.
ثم إن بعض المبتلين من الحمقاء بمدرس كذا يعجبه تدريسه، فيمدحه