قلت لعل تلك مرتبة الاقتصاد- بالدال- لأن مرتبة الاقتصار- بالراء- لا تفي باندفاع الحاجة العامة.
قال الاستروشني: في الكراهية والاستحسان، بلوغ المرء درجة الفتوى، وبيان الحلال والحرام بين الناس فرض كفاية، انتهى.
وبلوغ درجة الفتوى لا تحصل بمرتبة الاقتصار- بالراء- في الفقه.
وقال الغزالي في الإحياء: الاقتصار- يعني - بالراء- في علم الكلام معرفة عقائد أهل السنة بلا اشتغال بالدليل، وأما الاقتصاد فمعرفتها بأدلة نقلية أو عقلية بحيث يتمكن من مناظرة المبتدع، مع عدم الاشتغال بأقوال المبتدعة ورد أدلتهم إلا نادراً، انتهى.
ولا يخفى أن من لم يشتغل بأدلة العقائد لا يقدر على دفع شبهات الناس في العقائد فلا تندفع الحاجة العامة بمرتبة الاقتصار- بالراء- من الكلام.
أقول: وقس على الفقه والكلام باقي العلوم.
وأما الاستقصاء: ففي كونه فرض كفاية حرج عظيم. قال الغزالي في "الإحياء" بعد بيان فرضية علم الحساب على الكفاية: وأما التعمق في دقائق علم الحساب فهي فضيلة لا فريضة.