قوله: باعتبار العم، معناه أن من وجد بين اللفظين التناسب المذكور، يعلم أن أحدهما مشتق من الآخر، أعني يعلم أن الواضع، وضع أحدهما أولا ثم أخذ منه الآخر، ووضعه لمعنى آخر يناسب معنى اللفظ الأول ويعايره بوجه ما. واللفظ الأول في الأغلب المصدر، وقد يكون اسم عين كالمسيح وعيسى، اسمي ابن مريم، فإن الأول مشتق من المسح، سمي به لأنه مسح الأرض بالمشي ولم يقم في موضع، أو مسحه جبرائيل. والقاني: من العيس، وهو بياض تعلوه حمرة، سمي به لأنه لونه كذلك. وهذان المعنيان للاشتقاق أشير إليهما في تعريف الاشتقاق الذي هو: اسم الفن، فالأخذ إشارة إلى المعنى الثاني، والرد إلى المعنى الأول، والمراد من البحث في تعريف هذا الفن هو البحث على الوجه الكلي، ولذا قال في بعض الرسائل: الاشتقاق علم يبحث فيه عن المفردات على الوجه الكلي من حيث انتساب بعضها إلى بعض بالأصالة والفرعية، انتهى.
أقول: فلا يذكر في علم الاشتقاق، [اشتقاق] لفظ بعينه إلا على طريق المثال، قال في عنقود الزواهر: أورد الأوائل كل واحد من علمي الاشتقاق والصرف بالتدوين لاختلاف مباحثهما وميزوهما في التعريف، والمتأخرون لما رأوا شدة الارتباط بين مسائلهما- لأن كلا منهما يبحث عن الكلمة، وإن اختلفت جهة البحث في كل منهما- خلطوهما في التدوين وأدرجوهما في تعريف واحد كما فعله ابن الحاجب في أول "الشافية" حيث قال: التصريف علم بأصول يعرف بها أحوال أبنية الكلم التي ليست