ثم اعلم أن علم القراءات يخالف علم التجويد، لأن المقصود من الأول، معرفة اختلاف الأئمة في نفس الحروف أو في صفاتها. [المقصود]
من الثاني معرفة حقائق صفات الحروف مع قطع النظر عن الخلاف فيها، مثلا يعرف في التجويد أن حقيقة التفخيم كذا، وحقيقة الترقيق كذا، ويعرف في القراءات أن هذه الحروف فخمها فلان ورققها فلان. بهذا يندفع ما عسى يقال: علم القراءات يتضمن مباحث صفات الحروف كالإدغام والإظهار والمد والقصر والتفخيم والترقيق هي من مباحث علم التجويد، قال جعبري نقل القراءات السبع فرض كفاية لأنها أبعاض القرآن، انتهى.
أقول لا تنحصر القراءات الصحيحة في السبع كما عرفت، فالظاهر أن يقال نقل جميع القراءات الصحيحة فرض كفاية. ومن العجب أن العلوم المتعلقة بنظم القرآن المجيد من القراءات والتجويد، قد وجدناها مهجورة في أمثال ديارنا، تجد أكثر من يحمل فوق رأسه العمامة الكبرى لا يدرون أشهر مسائل القراءات والأداء، ويقرؤون [القرآن] كالنساء وأهل القرى، غفلوا عنها وأن تحصيلهم، ثم منعتهم رياستهم وهيئاتهم عن تعلم علومه والجلوس بين أيدي شيوخه لتصحيح حروفه، ومعرفة وجوه قراءته، ثم يفتخر بعض أولئك بما يتفوه به من اصطلاحات الفلاسفة، ولعل تلك العادة وثبت إلينا من بلاد الشيعة إخوان الفلاسفة المعرضين عن طريق أهل السنة.