من الاعتزال، ويقدر على التخلص منه. ثم أقول: وتفسير عمر البيضاوي مختصر الكشاف مع ما فيه من الزيادات، ولذا اختاره المتأخرون، لكن] لما [غلب على طبعه الفلسفة، دس في تفسيره كثيرًا من عقائد الفلاسفة مما ينابذ الشريعة، فلا يجوز استعماله إلا لمن يعرف ما دسه من الفلسفة ويقدر على التخلص منه. ثم إن ما دسه من الفلسفة أضر مما دسه الزمخشري من الاعتزال، كما يظهر لمن عرف ما دس هذا من الفلسفة وما دس ذلك من الاعتزال ترى بعض من لا يميز عقائد الفلاسفة ويظن أنه من عقائد الإسلام، فويل له.
ثم إن علم التفسير هو البحر الكبير والشمس المنير، معترك خيول العلماء المدققين ومنهى سلوك الطالبين، يجتهدون مدة مديدة وسنين كثيرة في تحصيل فنون آية ويقتحمون الغربة ويقاسون الكربة في أسفار بعيدة بهمة عالية لتحصيل بضاعة الاطلاع على دقائق علم التفسير، فإذا انتهى سلوكهم إليه فمنهم من لا يتم منه كتابًا، بل لا يشتغل به سنة. وقد أفرد بعض العلماء بيان إعراب القرآن ووجوه تراكيبه، كالكتاب المسمى بـ "الفريد في إعراب القرآن المجيد" في أربع مجلدات لابن العرين الشافعي، طوبى لمن ظفر بنسخة منه.