للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ صاحب أفريقية أحضره /١٢٥ أ/ مجلسه فكتب إليه جواب كتابه، فكان منه:

"وكلما إطمأنت النفس بعافيته، ..... إلى الإقامة ناداها النزوع إليه: {يا أيَّتها النَّفس المطمئنَّة ارجعي}، وكلما أفاضت الذكرى العبرة، قال كتابه الكريم لسحاب الجنوب: {يا سماء أقلعي}، وكلّما عاودت الملاحظة بحظه السعيد ... الخاطر السمع يا أذني شوقي ..... وردت أخباره الكريمة على ألسن الواردين، ألطف من نسيم الأسحار، وأسفرت وجوه وجاهته فلا كرامة للنهار المنهار، فهيّجت ذكرى، وأوجبت حمدًا وشكرًا.

وقال بها الشوق للقلب:

{إنَّك لن تستطيع معي صبرًا}، وجددت شكر النعمة المتحدّث بها على ما وهب الله مولاي .... من العلوم التي كل وجوهها حسنة، وأهلَّه بها لحضور المجالس التي هي صدور لا حرجة ولا خشنة، وخصّه بالفوز منها بمعاني الفضل التي كلها عيون لا يأخذها نوم ولا سنة؛ لا برح مجدها دافعًا في صدور المواكب، وعرفها مخجلًا ما هتن السواكب، وتراب مواكبها طارفًا طرف النوائب، /١٢٥ ب/ والحديث عن جودها مع كثرته معدود من العجائب".

وأنشدني أيضًا لنفسه: [من الكامل]

شفق الحياء بوجنتيه طلوعه ... ظبيٌ بجفني في الهجير ربيعه

قد حلَّ الحياء منه مواده ولشوقه ... لا تستقلُّ مع الزَّمان دموعه

فبحسنه ينهى ويأمر مهجتي ... فالعين تبصر والفؤاد يطيعه

يكرى معافى القلب من برحائه ... خلوًا وقلب جريحه ملسوعه

درس الخلاف فما يقول مسلمٌ ... منِّي وقولي كلُّه ممنوعه

أفساد وضعٍ في سؤال محبِّه ... أم أصله قد خالفته فروعه

<<  <  ج: ص:  >  >>