للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سألته عن ولادته، فقال: ولدت في أوائل المحرم سنة خمسٍ وثمانين وخمسمائة بالموصل -أطال الله له البقاء- سمع شيئًا /٤٣ أ/ من الحديث على القاضي أبي إسحق إبراهيم بن نصر بن عسكر قاضي السلامية، وأبي عبد الله الحسين بن عمر بن باز الموصلي، وأبي إسحق إبراهيم بن المظفر البرني الواعظ. ولّاه المولى الملك الرحيم بدر الدين أبو الفضائل -ثبت الله دولته- على الزكاة ... وحفظ بيت المال، لما رآه من عقلاء الرجال، عفيفًا عن الأموال.

وهو من رؤساء الموصل المعتبرين، وكبرائها المشهورين، عديم المثل، غزير العقل، من ذوي الأحوال، مشهور بمحاسن الفعال. أحسن الناس خلقًا، وأكرمهم حلقًا، محبوب إلى أهل مصره، أحمع الناس على مدحه وشكره، يجمع كيسًا ولطفًا وبشاشة وظرفًا، ذو معروف وسخاء، وطلاوة وحياء، وديانة ظاهرة، ومروءة وافرة، لم يتعرض بسوء لأحد في حال ولايته. وذلك لكمال عقله ونزاهته، يحبّ أهل الخير والصلاح، وذوي الفضل. وله شعر حسن النمط، خالٍ من السقط، كثير العيون، مصقول المتون.

أنشدني لنفسه، يمدح المولى المالك الرحيم بدر الدنيا والدين، عضد الإسلام والمسلمين ملك أمراء الشرق /٤٣ ب/ والغرب، شرف الملوك تاج السلاطين، بهلوان جهان مرزبان العراق طغرلتكين بلكا أتابك أبا الفضائل غرس أمير المؤمنين -أدام الله دولته وبلغه أمنيته-: [من الخفيف]

كم أناوى في حبِّكم وأعادى ... وضلالي فيكم أراه رشادا

سادتي كارهًا تخلَّفت عنكم ... لا لأنِّي أخلفتكم ميعادا

ما صفا لي من بعد بعدكم العيـ ... ـش فمن لي يردُّ ما لن يعادا

برَّح الشَّوق بي إليكم وصبري ... قلَّ عنكم لكن غرامي زادا

أترى العاشقون قبلي لاقوا ... في الهوى ما لقيت إلَّا كبادا

أم تفرَّدت دونهم بزفيرٍ ... دبَّ في أضلعي وشبَّ اتِّقادا

<<  <  ج: ص:  >  >>