للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدر صدور الآية، وشمس علماء الأمة، حاز الفضائل بأسرها والمعاني بفخرها والمعالي بعزها، وعقبلة العلوم بحرزها. ذو الباع الأطول في علوم الشريعة، فارع حصونا ومعاقلها المنيعة وله البيت الأصيل والمجد الأثيل، والقدر الجليل.

نشأ في العلم، وترعرع في الفضل، وشبَّ في الزهد، وتكمّل في الورع. الفقيه الحنفي المدرس الكاتب المتفرد بعلم الكتابة والخط؛ وبيت أبي جراده كله أدباء فضلاء شعراء /١٠٢ ب/ رؤساء فقهاء نبهاء محدّثون مقدّمون عبّاد زهاد قضاة، يتوارثون الفضل كابرًا عن كابرٍ، وتاليّا عن غابر. وكل هؤلاء معظمهم من آبائه. ولي القضاء بحلب وأعمالها، وهم على مذهب أبي حنيفة –رضي الله عنه-.

وأبو القاسم فأوصافه في الفضل كثيرة، وسماته بحسن الأثر أثيرة، فان الله كمل خلقه، وحسن خلقه، ووفر فضله، وكثر عقله، وجعل همته في العلوم ومعالي الأمور. وقد درس الفقه فأحسنه، وعني بفن الأدب فأتقنه، ونظم القريض فجوّده، وأنشأ النثر فسدده، وقرأ حديث الرسول وعرف علله ورجاله وتأويله وفروعه وأصوله، والجرح والتعديل والعلم بالخلاف والجدل وغير ذلك من المعلوم.

ثم أنَّ له خطًا فاق به أبناء زمانه، وبلغ الغاية القصوى في جودته واتقانه؛ وينضاف إلى ذلك العفاق ... والوقاؤ، وحسن السمت والجلال. المشهور عند الخواص والجمهور، وقد صنّف عدّة كتب منها: كتاب التاريخ /٢٠٣ أ/ الذي صنعه لحلب، حذا فيه حذو تاريخ الخطيب أبي بكر بن ثابت، وكتاب "زبد الحلب في ذكر ولا حلب" واقتصر فيه على الملوك الذين ملكوها، وكتاب "في الجهاد" وكتاب "الكلم المستفادة في أخبار بني أبي جرادة" ضمنه أخبار أهله ومناقبهم، وما يستحسن من أشعارهم وفضائلهم؛ وغير ذلك من الكتب.

<<  <  ج: ص:  >  >>