والرياسة، ويقصده الناس لجوده وسخائه، فلا يبخل عليهم بجاهه ولا ماله. ولما مات بيعت تركته فلم تف بما كان عليه من الدَّين؛ لأنه ما كان يردّ سائلًا ولا يخيِّب آملًا.
وكان مع ذلك قريبًا من الملك الظاهر أثير الدين يرسله في الرسائل إلى السلاطين والملوك في ذلك الوقت، فيؤدي الرسالة كما يرضي مخدومه، ويستوفي العبارة أحسن استيفاء. وكان ذكيًا شهمًا في نفسه لم يجب أحدًا يفضل عليه بل يجازيه أضعاف ذلك.
يداخل الأمراء المقدمين ويزاحمهم في الرفعة ويشاركهم. وكان متجملًا في ملبوسه وزيِّه وهيأته، يصنع الملابس الفلاخرة، ويتأنق فيها/ ٢٨٠ ب/ غاية التأنق، فالله تعالى يرحمه ويبرد مضجعه ويجازيه بالخير على مروءته ومن كان فيه مروءة.
أنشدني الشيخ العدل زين الدين أبو عبد الله محمد بن عبد القاهر بن هبة الله بن عبد الواحد النصيبي بحلب، قال: أنشدني أبو المعالي بن أبي هاشم لنفسه:
[من السريع]
من لي ألقاه من أغيدٍ ... يصَّيَّد الأسد بالحاظ ريم
دَّبت عذراه فقلت: انظروا ... صورة بدرٍ فوق غصنٍ قويم
ينتهب الشَّعر سنى وجهه ... فالصبح في فيضة ليلٍ بهيم
مار مت قطف الورد من خدِّه ... في غسق اللَّيلي بقلبٍ سليم
إلَّا ثنى عقرب أصداغه ... فبتُّ من وجدي بغير السَّليم
وأنشدني نجم الدين، قال: أنشدني تاج الدين أبو المعالي الفضل بن الافتخار لنفسه: [من السريع]