وعند قمامة اليوم التَّهاني ... تتيه ككاعب جاءت تهادى
إذا سمعت بدمياط وما قد ... أشيع تقول بلِّغت المرادا
ولكنَّ الكنائس ضاحكاتٍ ... تعالى الله يفعل ما أرادا
ألا يا زائريه أبكوا ونوحوا ... على الإسلام وافترشوا الرَّمادا
فلو بكت العيون دمًا عليه ... تقاضى رزؤه الباكي ازديادا
فمكَّة ثاكلٌ عبرى فلمَّا ... ألمَّ بأختها لبست سوادا
فترك الحجِّ أبكى كلَّ عين ... وعن طيب الكرى اعتاضت سهادا
رضا الملك المعظَّم ذا عظيمٌ ... ولو ملك البسيطة ما أفادا
ولكن ربنا ربٌّ غفورٌ ... لطيف الصُّنع يمتحن العبادا
فخوَّلنا وبوَّأنا بلادًا ... أرانا جاحدي نعماه عادا
أبعد خراب بيت القدس خطبٌ ... أشدُّ ولو توسدنا القتادا
على الدُّنيا وما فيها عفاءٌ ... ولو نلنا بها السَّبع الشِّدادا
/ ٢٦١ ب/ وأنشدني القاضي شهاب الدين أبو المحامد إسماعيل بن حامد بن عبد الرحمن القوصي بدمشق، في المحرم سنة أربعين وستمائة، قال: أنشدني أبو عبد الله محمد بن المبارك الضرير خطيب القدس، وقد أنشدته هذين البيتين:
وما طلب المعيشة بالتَّمنِّي ... ولكن ألق دلوك في الدِّلاء
تجيء بملئها طورًا وطورًا ... تجيء بحمأةٍ وقليل ماء
فقال مجاوبًا لي ما انحصرت القسمة، بل بقي قسمان آخران، وأنشدني لنفسه بديهة: [من الوافر]
وكم من مرسلٍ دلوا تردى ... وطورًا عاد منقطع الرشاء
فأجمل في طلاب الرِّزق واعلم ... يقينا أنَّ رزقك في السَّماء
فلا حرصٌ يقيك ولا توانٍ ... يغيث فثق بسابقة القضاء