للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذا كلُّ عذريِّ الصَّبابة شأنه ... وجزب الهوى من قلبه وفريقه

وربَّ خليِّ القلب أضحى معنِّفي ... ويزعم أنِّي خلُّه وشقيقه

يجرِّ عني كأس السُّلوِّ وإنَّه ... ليعلم أنِّي لست ممَّن يذوقه

ولو كان لي في سلوة الحبِّ مذهبٌ ... سلوت ولكن سدَّ عنِّي طرقه

أبى الله إلاّ أن أبيت متيمًا ... أخا زفرة يتلو الزَّفير شهيقه

/٩ أ/ أقضِّي الدُّجى في سوء حظِّي تفكُّرًا ... وقلبي قد استولى عليه خفوقه

يهدِّدني بالهجر من لا أصدُّه ... ويظلمني في الحلم من لا أطيقه

وكيف احيالي والزَّمان معاندي ... وقد كسدت فيه لذي الفضل سوقه

إذا رمت أمرًا كان عكسي مرامه ... وإن سمته برِّي بدالي عقوقه

ولم يبق لي كهفٌ الوذ بظلِّه ... جديرٌ بحمد للثَّناء خليقه

سوى ملك مازلت أدعى بعبده ... على أنَّني من جور دهري عتيقه

وإن كنت بالإحسان منه مقيَّدًا ... فإنِّي من صرف الخطوب طليقة

مليك إذا ما سابق العيس باسمه ... حداها دنا من كلِّ نأيٍّ سحيقه

لأنَّ لها علمًا بذلك إنَّما ... تصادفن من بحر السَّماء عميقه

وفي جودة فضل على البحر إنه ... إذا فاض لم يخش الهلاك غريقه

متى حئته مسترفدا لنواله ... حبا كبه من غير مطل يعوقه

ومازال تفريق الصِّلات صبوحه ... وتأليف شمل المكرمات غبوقه

فمن لآمه في البذل فهو عدوُّه ... ومن لم يلمه فيه فهو صديقه

وهذا من الأوصاف أعدل شاهد ... يدلُّ على أنَّ السَّماح عشيقه

/٩ ب/ عنا خيفةً من بأسه كلُّ ماردٍ ... وذل له صعب الحران نزوقه

وعاد لها ما بعد ما كان مرهفًا ... لدى عزمه ماضي الغرار ذليقه

أخو فتكات في العدا ليس تتَّقى ... بردٍّ ومقدور القضاء رفيقه

وقورٌ إذا طاشت حلوم ذوي النُّهى ... رعاه رصينٌ من حجاه وثيقه

يرنِّحه مرُّ الثَّناء بسمعه ... كما رنَّحت حاسي السُّلاف رحيقه

ويعجبه في الرَّوع أن حسامه ... يكون دماء المارقين خلوقه

ويلتذُّ إن عدَّت فضائل مجده ... وإن كان لا تحصى بعد حقوقه

<<  <  ج: ص:  >  >>