وعزَّ عن المفاخر والمناوي ... وجلَّ عن المباري والرَّسيل
وقصَّر عنه طوق الشُّكر لمَّا ... سميت أوصافه عن كلِّ قيل
كريمٌ كلُّ من يدعى كريمًا ... فنسبته إليه كالبخيل
إذا جادت يداه لنا غنينا ... بجودهما عن الغيث الهطول
وإن سحَّت وشحَّ فما نبالي ... بجذب العالم فينا والمحول
رزينٌ لو يوازنه ثبيرٌ ... غدا وهو الخفيف عن الثقيل
حليم عن عظيم الذنب يعفو ... ويصفح وهو ذو حدٍّ وبيل
وحزمٍ حارت الحكماء فيه ... وعزم دونه حدُّ الصَّقيل
ورأىٍ لم يفارقه صوابٌ ... وقلبٍ لم يقلَّب بالذُّحول
شجاعٌ ما تقاعد عن لقاء ... ومقدامٌ على الأمر المهور
وطلقٌ والزمان به قطوبٌ ... وماضٍ ليس يتعب بالكلول
ومبتسمٌ وغرب السَّيف يبكي ... نجيعًا من مقارفة الفلول
ولم تسمع به الأبطال إلا ... ونادت بالثُّبور وبالعويل
/١٤ ب/ وودَّع بعضهم بعضًا وقالوا ... نجاةٌ ما إليها من وصول
يقينًا منهم أن ليس يبقى ... عليهم غير نائحة ثكول
وأن سطاه مثل السَّيل سارت ... صواعقه الرَّواسي بالسُّهول
وأضحى كلُّ جبَّارٍ عزيزٍ ... لها في الحلم كالعبد الذَّليل
تأمَّل منه فردًا تلق جيشًا ... وإنسانًا تعاين ليث غيل
وإن جاورته جاوت بحرًا ... تقلُّ به مجاورة السُّيول
إذا ركبت به سفن الأماني ... تجارت فيه أمنًا بالقبول
تحبُّ عقابه العقبان علمًا ... بأن لم تخل حينًّا من قتيل
فتعشى الجوَّ أسرابًا تحاكي ... رعيلًا يقتفي أثر الرَّعيل
وتتبعه سباع الوحش تبغي ... قراها عنده كالمستنيل
فما ينفك من كرمٍ وبأسٍ ... على حالي مقامٍ أو رحيل