للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأطولهم باعا، بظاهر مدينة حلب المحروسة، بمقام الخليل إبراهيم – صلوات الله عليه- يوم الخميس الثالث عشر من ذي الحجة سنة سبع وأربعين وستمائة، وعلقت عنه قطعا من شعره، ولم يكن في الوقت سعة لأكتب من ترسله وأثبته في هذا المجموع.

ورأيته شيخا لطيفا كيسا فيه دماثة وبشاشة، ثم سافر إلى دمشق، ولم يزل مقيما بها إلى أن توفى يوم الجمعة ثامن جمادى الآخرة سنة خمسين وستمائة- رحمه الله تعالى-.

ومما أنشدني لنفسه إملاء من لفظه: [من الطويل]

وحقّكم لم يلهني بعد بعدكم ... ظهور مذاك أو صدور مجالس

/٥٠ أ/ ولا راقني في الناس إحسان محسن ... ولا أنست روحي بودّ مؤانس

رماني زماني الفظّ عن قوس عذره ... بسهم فراق مطلقا غير حالس

وعوضّت عن يومي المنير بقربكم ... باليل من البعد المبرح دامس

فأضحى عدوّي عند ذلك راحمي ... وكأن صديقي يوم ذلك منافسي

سأصبر حتى يحدث الله لطفه ... على خير ما كنا عليه بآيس

وأنشدني أيضا لنفسه ما كتبه إلي بعض الملوك: (١) [من الخفيف]

لو شرحت اّلذي وجدت من الوجد ... عليكم أمللتكم ومللت

فلهذا خفّفت عنكم وأقصر ... ت ولو شئت أن اطيل أطلت

غير أن العبيد تحمل عن قل ... ب الموالي وهكذا قد فعلت

وأنشدني لنفسه أيضا، وفيه لزوم السين: [من الكامل]

يا من غدا من كلّ عار عاريا ... ومن المروة والفتوّة كاسيا

/٥٠ ب/ ورأيته في العلم بحرا زاخرا ... ووجدته في الحلم طودا راسيا

عجبي لمثلك كيف ينسى ذاكرا ... وأعجب لمثلي كيف يذكر ناسيا

<<  <  ج: ص:  >  >>