مراسيم الثناء، ولوازم الدعاء، منهيا /٦٣ أ/ إلى الرأي العالي – أعلاه الله – أنه طالما كانت تناجيه نفسه بالاستسعاد بخدمة هذه السدّة العلية، والانحصار في خادمي هذه الحضرة الزكيّة، لكنه كلما أقامه الأمل، أقعده الكسل، وإذا حرّكته الدواعي الشّائقة، قيدته الأسباب العائقة، فحرمه عن البحر الطامي، والغيث الهامي، ما كان يعتكف عليه من ثمد ركيّ، ويمتريه من ضرع بكى، ويحترثه من زرع زكي، حتى أزعجه عند تراكم الفتن المائرة، ونغصه عليه المحن الثائرة التي صيّرت الضياع نهزّة الضّياع، والأملاك نهبة الهلاك، والأموال عرضة الزوال.
وصار الكلام في الرؤوس، ووقع الخطب في النفوس، ترك ما ملك سدّى، ونفض عما جمع يدا، ونجا بحشاشة نفسه وولده، واحتضن أفلاذ كبده، موائلا إلى الباب الرفيع، الذي هو كعبة الزوّار، ووجهة الحرار، يتبوأ ظلال نعمه، ويرتدي أذيال كرمه. قدر /٦٣ ب/ ما تفثأ قدور الأقدار، وريثما يؤول القول إلى الفرار، فإنّ منّ المولى – حرس الله ظله_ عليه بسؤاله، واسعفه بمأموله. كانت يداّ واقعة في نصابها، ومنه مفرغة في مصابها، مشكورة إلى آخر العمر، موفورة الحمد مدى الدهر، والرأي أعلى وأجل".