"نحن – أطال الله بقاء فلان – في زمن الحرّ في أهله غريب، في قومه قريب. لاسيما غربتان هما كربتان، غربة الفضل والبعد عن الوطن والأهل، والمجلس العالي – أدام الله علاه - وإن كان من آدابه بين ندامى وجلّاس، ومن خدّامه بين مراع ومواس، ولكن إذا هدرت حمامة فضله لم يطارحها هديل، وإذا غرّدت صنّاجة طبعه لم يعاونها رسيل، فإن اراد أن يضمّ إلى خفيف أوزانه ثقيلا، وإلى علا شأنه عقيلا، /٦٤ أ/ لزمته مساء صباح، وخدمته كما تخدم الأجسام الأرواح، ولي في ذلك الشرف الأعلى، والسعادة العظمى، وللرأي مزيد العلو والرفعة:[من المنسرح]
لا جعل الله لي منك بديلا ... إنك من كل فائت بدل
ولا عراني بمهجة ظلّ بها ... يراعي ويجبر الخلل
لا يوحش الجوّ فقد كوكبه ... ما دامت الشّمس فيه تشتعل
وكتب جواب رقعة وصلت إليه عند بعض الكبراء:
"وصلت اللّمعة الفلانيّة، كالروض رقّح واشية، فرقّ حواشيه، والحزن صبّ غواديه، مغترفا من اليم الخضّم نطفه، ومخترقا من سحوق الفضل لطفه، فتدرع الخادم بها حبر الفخر، وتدرّع بيمنها إلى ما يتمنّاه، على الدهر غير واقف في جوابها موقف المباراة، ولا ذاهبا /٦٤ ب/ بنفسه في حلبة المباهاة.
بيد انه علق تميمة على نحرها، حين ضاق ذرعه عن مهرها، وهو أبدا رهين برّها، رافل في حلل فخرها، والرأي العالي في إرخاء السّترةالسّاترة، على هذه التحفة الظاهرة، على الداعي لأيامه، المنخرط في سلك خدامه أعلى".
وقال فيه هذا الدوبيت:
قد أخصب من فضلك وادي الشّرف .... وازداد هواك في فؤاد الشرف