للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هشًا، مليحًا لطيفًا، فكهًا متواضعًا، طيِّب المحاورة، شريف النفس، ذا تودُّدٍ وبشرٍ وسكون.

وكان –مع ذلك- شاعرًا مجوِّدًا في وقته، صاحب معانٍ مبتكرة، وألفاظ متخيرة، يُقصِّدُ الشعر ويصنعه ويشبِّبُ به، ويصف ويمدح، ويتصرَّف تصرَّف الشعراء المتقدِّمين، /٧٣ ب/ ويذهب مذاهبهم في أقسام الشعر وأجناسه. وجمع من شعره كتابًا مختصرًا سمَّاهُ "مغاني المعاني".

ومدح الخلفاءَ فأحسن، وكانت له منزلةٌ لطيفة من الإمام الناصر لدين الله –رضوان الله عليه-.

ومما أنشدني –من لفظه وحفظه- وأملاه عليّ في غلام يسبح بدجلة وفي وسطه تبَّان أزرق: [من الكامل]

يا للرجال شكايتي من شكوة ... أضحت تعانق من أحب وأعشق

حملت هوى كواي فهي بوصلة ... تقفو ويبكيني الغرام فأغرق

ويغيرني التَّبان عند عناقه ... أردافه فهو العدوُّ الأزرق

وأنشدني لنفسه في إنسان يُلقَّبُ الشمس وأبو يوسف كان يلقب بالنجم، فقال في ذلك وأحسن: [من الخفيف]

لقَّبوني بالنَّجم جهلًا كما بالشَّـ ... ـس قد لقَّبوك من غير علم

فالَّذي يستضي بنورك يا شمـ ... ـس كمن يهتدي السَّبيل بنجمي

/٧٤ أ/ في ظلام هذا وذا في ضلالٍ ... فكلانا كاسمٍ على غير جسم

وأنشدني لنفسه في الوزير نصير الدين أبي منصور ناصر بن مهدي العلويّ وكان يتقلَّد –يومئذ للناصر لدين الله أحمد- الوزارة: [من الطويلي

خليليَّ قولا للخليفة أحمد ... توقَّ وقاك الله ما أنت صانع

وزيرك هذا بين أمرين فيهما ... صنيعك يا خير البريَّة ضائع

<<  <  ج: ص:  >  >>