للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيلتقيان بين يديَّ طورًا ... وأحيانًا هما متقابلان

لكل منهما قد وخد ... ووجه في الحسان وحاجبان

أمنتهما على أهلي ومالي ... فما غدرا ولا نكثا أماني

وأنشدني من قصدية قالها في الملك الأشرف مظفر الدين موسى بن أبي بكر بن أيوب – رحمه الله تعالى – وكان قد سير طلبه من أخيه الملك المعظم شرف الدين عيسى في سنة وثمان وستمائة، وأنشده إياها في نصيبين من بلاد الجزيرة: [من الطويل]

صرفت غرامًا في نهاي تصرفًا ... وولَّيت لا أجفو ولا اشتكي الجفا

/٩٣ أ/ فلا راق طرفي الردف برتج مفعمًا ... ولا شاق قلبي العطف يعتز أهيفا

ولا عدت أهوى الجيد ما عشت أتلعًا ... ولا الخدَّ محمرَّاً والجفن أوطفا

ولا اجتبت ثوب الخد أطلس أحمرا ... ولو راح من نبت الغدار مفوفا

ولا اضطربت حولي حناش ذوائب ... إذا ما تلوَّى القدُّ لدنا مهفهفا

ولا قلت للنَّدمان: خذها وعاطني ... ولا للمدير أمزج إذا هو صرَّفا

رددت كؤوس الرَّاح عنّي لخجلة ... وقد حثّها السَّاقي إليّ فأوجفا

عقار تريك الشّمس يعشي شعاها ... وقد عمّم الأرض الظّلام فألفحا

إذا حثّها السّاقي غدا ورد خدّه ... ونرجس عينيه من السّكر مضعفا

فلا راح كأس من بناني مقرّطًا ... ولا لاح من كأس بناني مشنّفا

تركت الصّبا والصّبية الغيد والطَّلا ... وصوت المثاني عفّة وتعففا

فلا رحت إلّا بالمعالي متّيمًا ... ولا بتّ إلاّ بالفضائل مذنفا

إذا اشتقت أيّام التّصابي أعدتها ... بأطيب منها للّبيب وألطفا

تبوّأت روضًا للدفاتر مونقًا ... تدور المعاني في مغانيه قرقفا

ورددت توبيخ اللَّيالي تطرّبا ... وذم بنيهنّ اللّئام تظرفا

/٩٣ ب/ وناديت إن همت بأدنى مساءتي ... مليكًا غدا من سائر الخلق أشرفا

وآويت من وسى إلى ظّل شامخ ... كما حلَّ موسى الظل لما تخوفا

إلى الأشر ف بن العادل الملك الذي ... أبر على قيض الغمام فأسرفا

<<  <  ج: ص:  >  >>