وقد نفخت ريح الصَّبا فحمة الدُّجى ... فأذكت من الإصباح جذوة نار
وأنشدني لنفسه من قصيدة أوّلها: [من المنسرح]
لو عاد طيف الحبيب أوزارا ... ما نال من عاشقيه أوزارا
علقته طاوي الحشا رشأ ... يبيت من واصليه نفَّارا
بناظر أودع الجمال به ... هاروت يسبي العقول سحَّارا
ووجنة قد أتت بمعجزها ... فمازج الماء فوقها النَّارا
لو عاين الغصن قدَّه لذوى ... ولو رأى البدر وجهه حارا
فارقتني كارهًأ وخلَّفني ... أندب حزنًا لأجله الدَّارا
لي بعده مهجة متيمة ... رقَّت فكادت تذوب تذكارا
وأنشدني لنفسه: [من الوافر]
لقد قلِّدت سيف الدِّين سيفًا ... قضى الَّا هوادة للهوادي
أعدكَّما غياث الدِّين سيلًا ... وسيفًا للعطاء وللجهاد
/١٢٢ أ/ فأنت لوصل أرزاق البرايا ... وذاك لقطع أعناق الأعادي
وأنشدني لنفسه غزلًا: [من البسيط]
لو أن ما فيك من عجب ومن تيه ... بالمزن شحَّت وما سحَّت غواديه
أو أقتنى فتك عطفيك القنا أنتظمت ... من النُّجوم غواليها عواليه
يا أيُّها الرَّشا الغادي بل الأسد الـ ... عادي بل القمر البادي لرائيه
فات الظُّنون فقد دقَّت محاسنه ... عن أن تحدَّ بتكييف وتشبيه
رفقًا بصبٍّ جفاك المرُّ ممرضه ... ووصلك الحول بعد الله شافيه
يا صاحبيَّ سلاه عدل سيرته ... فينا فظلم الورى مزر بأهليه
وأستطلقا منه لي وصلاً ولو شبحًا ... في رقدتي خطرات الوهم تهديه
ولا تلوما فعين اللَّوم عذلكما ... فيه فحسب المعنَّى ما يعانيه
ما بال أحمد يجفوني وأحمد ما ... في كامل الحسن ترك الحيف والتِّيه
علقته أسمراً كالرُّمح عامله ... وخرصه طرفه السَّاجي وهاديه
صعب التَّلاقي تلافي حلّ بغيته ... فالقرب يسخطه والبعد يرضيه