وستمائة بالموصل.
كان صاحب فضل، ومحاضرات، وفكاهة، وحكايات، ومعرفة الناس وأيامهم، وله أشعار كثيرة، ورحل إلى البلاد الشامية، وامتدح الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب- رضي الله عنه- وولديه/٧٩ ب/ الظاهر والأفضل وغيرهم.
أنشدني ولده أبو شجاع يعقوب قال: أنشدني [أبي] لنفسه يمدح صلاح الدين يوسف بن أيوب بدمشق سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، ويذكر فتحه بيت المقدس- رحمه الله تعالى-: [من الطويل]
دموع جرت يوم الفراق سجام ... وقلب لناء الشَّوق فيه ضرام
لحى الله يوم البين إنَّ مذاقه ... لكلِّ نفوس العاشقين حمام
وكلُّ محبٍّ لم يمت يوم فرقة ... فذاك له عند المنون ذمام
لئن درست بالأنعمين معاهدٌ ... وعزَّ بأعلى الجلهتين مقام
وأمست عراص الأبرقين مواثلًا ... فمنِّي على تلك الديار سلام
وإن جلِّ خطب أو عرتني ملمَّةٌ ... فليس عجيبٌ أن يفلَّ حسام
سأدَّرع الليل البهيم لعلَّني ... أجوب الموامي والعيون نيام
إلى من حباه الله بالملك إذا رأى ... حمول الهدى والكفر فيه غرام
وزيَّنه بالحلم والعلم والتُّقى ... فما حسن إلا لديه يرام
أقام قنا الدِّين الحنيفي راغبًا ... إلى الله لما آض وهو ثمام
إلى ملك الدُّنيا الذي لو تفرقت ... كتائبه والمشركون نيام
/٨٠ أ/ لقام مقام الجيش حتَّى تزورهم ... بأيدي الفيافي أنسر وهوام
إذا الحرب أعيت كلِّ قرم وباسل ... وخام شجاعٌ واستسرَّ همام
وجاشت نفوس المسلمين بأسرهم ... وعزَّ على المستسلمين كلام
كشفت قناع الرَّوع عنهم بمهجة ... تميت وتحيي والصفوف قيام