/١٠٣ أ/ مسهَّد باللَّيل ما ينام ... ودمعه لبينه سجام
يرتاح إن أقبل ركب الشَّام ... وإن أثار كامن الغرام
لعلَّ فيه من ديار الموصل ... مخبِّرًا عنها وإن لم يسأل
لعلَّه أن يبرد الغليلا ... وأن يداوي جسدًا عليلا
كنت أظنُّ العزَّ في الترحُّل ... وأنَّ طيب العيش في التَّنقُّل
وأنَّ من يستوطن البلادا ... لا يحرز الكمال والسَّدادا
أدرس ما قد قيل في الأسفار ... ونفعها من ملح الأشعار
فلم أزل يسوقني القضاء ... والطَّمع الكاذب والرَّجاء
حتّى سلكت المسلك البعيدا ... واللَّقم المرتَّق المسدودا
مفاوز جميعها مهالك ... مجهولة يحا فيها السَّالك
وقلت مصر بلد كبير ... وماله وخيره كثير
وما علمت إذ دخلت مصرا ... لشقوتي أني دخلت القبرا
البوم في دورهم يصيح ... وبقُّهم منَّته تفوح
أزهارهم تجمع في الغفاري ... وشربهم من كدر الآمزار
وصرُّهم أجوده مادوَّدا ... وكان في ما عونه مقدَّدا
/١٠٣ ب/ ونقلهم ألذه المدلينس ... وبقلهم أطيبه البقدونس
والزفر الماشي إذا ما احتفلوا ... عليه في شربهم المعوَّل
هذا وإن قدِّمت القضامة ... فما بقي عتب ولا ملامه
يا حبَّذا رائحة السِّمَّان ... مقدَّدًا في الملح في البراني
فريحه أطيب من أخلاقهم ... وماؤه أطيب من أعراقهم
والطَّائر البرَّيِّ وهو الغار ... يأكله من أهله التجَّار
يقول يا أسود كم بدرهم؟ ... يقول عشر فاكتسبها تغنم
وحزمة الحشيش في أيلون ... فرض عليهم ليس بالمسنون
ترشُّها المرأة في الحيطان ... تحرزًا من أعين الجيران