للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان عسير الأخلاق، ضيق العطن، شرسًا في الإملاء، تافه النفس، لم يحب أن يسمع عليه أحد إلاّ بعوض، وفائدة، وفضل إليه.

أنشدني لنفسه ابتداء قصيدة عملها في الملك العادل سيف الدين أبي بكر محمد بن أيوب بن شاذي –رضي الله عنه- أولها: [من الكامل]

صبرًا لعلَّلك في الهوى أن تنصفا ... أو أن ترقَّ لمدنف أو تعطفا

ما كلُّ من أضحى الجمال بأسره ... في أسره منح القطيعة والجفا

كلاَّ ولا من حاز أفئدة الورى ... بجماله أبدى المسير تعسفا

يا مانعًا جفني الكرى بصدوده ... قسمًا بعهدك بعد بعدك ما غفا

غفا، لغة رديئة، وإنما يقال: أغفى.

/ ١٦٠ أ/ إن كان قصدك أن تريق دمي فلا ... تتقلَّدن سيفًا فطرفك قد كفى

لو أنَّ جسمي في بحار مدامعي ... يطفى لنار فيه من سقم طفا

ومن مخلصها في المديح:

أحييت يوسف في المحاسن مثلما ... أحيا أبو بكر أخاه يوسفا

وأنشدني لنفسه في صديق له سافر ولم يودّعه: [من الوافر]

رحلت ولم أودِّع منك خلاَّ ... صفا كدر الزَّمان به وراقا

ولكن خاف من أنفاس وجدي ... إذا أبدى العناق يرى احتراقا

فكأس الشَّوق منذ نأيت عنِّي ... أكابدها اصطباحًا واغتباقا

وأنشدني لنفسه في غلام أصفر الشعر، كان عريانًا في الحمام، وقد عرق جسمه:

[من البسيط]

واغيد كقضيب البان معتدل ... قدًا وألحاظه أمضى من القضب

كأنَّما جسمه كافورة رشحت ... درًا وطرَّته الشَّقراء من لهب

<<  <  ج: ص:  >  >>