للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

/ ١٧٣ أ/ وأنشدني أيضًا لنفسه من قصيدة: [من الكامل]

لولا الخيال ورقبتي منه السُّرى ... لمنعت عيني أن يلمَّ بها الكرى

ولكنت آنف من رقاد متيَّم ... قضت النَّوى لجفونه أن يسهرا

أفنى تجلُّده الغرام وزاد في ... زفراته فغدا مقلاًّ مكثرا

يرتاح وجدًا للحمام إذا شدا ... سحرًا ويصيبه النَّسيم إذا سرى

وإذا خفى متألِّقًا برق الحمى ... كان الكفيل بشجوه أن يظهرا

يا حَّبذا نفحاته وكأنمَّا ... تنضاع مسكًا إذ تضوَّع عنبرا

والوصل ما سدَّت مطالعه ولا ... سدَّت لو شك فراق جيرته العرى

جزعوا أديم ثراه وهو مروَّض ... فغدا برّبات الخدور منوَّرا

وأسلت لمًّا أن أسال شعابه ... بمطيِّهم ماء المدامع أحمرا

وكذا العيون الفاتنات أسيرها ... لا يفتدى وقتيلها لن يوترا

وصريع صافية صبحت بمثلها ... قعدت عليه يد السُّلاف وما درى

لمّا استمرّ به الرُّقاد دعوته ... فأتى بفضل ردائه متعثرًا

قم فانشط اللَّذَّات من أشطانها ... فالنَّجم قد حبس العتاق عن السُّرى

والرَّوض قد حطَّ الغمام وسوقه ... في تربه فكساه بردًا أخضرا

/ ١٧٣ ب/ وغدت بأنوار الرَّبيع ونوره ... لمَّا بدا كلُّ المواطير عبقرا

فدع التَّنافس في سواها للورى ... وانهض إليها طائعًا لا مجبرا

واشرب على زهر الرَّبيع سلافها ... وتوخَّ مزمارًا يروق ومزهرا

من كفِّ أغيد ما رنا إلاَّ انتضى ... عضبًا من اللَّحظ الكحيل مجوهرا

فسقى الحيا ليلاً أحلت سراره ... بجبينه والكأس ليلاً مقمرا

وأنشدني أيضًا من شعره: [من الطويل]

محبّكم والعاشقون ضروب ... مصاب على حكم الهوى ومصيب

أسرتم وأسهرتم فؤادي وناظري ... فقلبي أسير والرقاد سليب

صلوا واصلاً فيكم غرامًا أقله ... يزيل الأسى من قلبه ويذيب

ورفقًا بما من عاشقيكم سكنتم ... فلسن حديدًا إنَّهنَّ قلوب

وأسمر معشوق الشَّمائل حسنه ... غريب كما حزني عليه غريب

<<  <  ج: ص:  >  >>