حدثني القاضي الإمام أبو القاسم عمر بن أبي الحسين العقيلي قال: خرجت يوماً من سماع الحديث على شيخنا أبي هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي الحلبي، ومعي أبو نصر عبد الرحيم بن وهبان، فناولني في الطريق رقعة بخطه من شعره في فضل أصحاب الحديث، فتأملتها فإذا فيها، وكتبتها من خطه: [من الكامل]
علم الحديث أجلُّ علمٍ يذكر ... وله خصائص فضلها لا ينكر
/٢٥٨ أ/ ركنٌ من أركان الشَّريعة موثقٌ ... وبنصِّه أي الكتاب يفسَّر
وهو الطَّريق إلى الهدى وضياؤه ... لظلام إشكال الأمور منوَّر
وهو الذَّريعة في معالم ديننا ... وبه الفقيه اللَّوذعيّ يعبِّر
لولاه لم يعرف لقوم سيرةٌ ... فلسانه عن كلِّ قرن يخبر
ورجاله أهل الزَّهادة والتُّقى ... وهم بتحقيق المناقب أجدر
وقفوا نفوسهم عليه فجدُّهم ... لا ينثني ودؤوبهم لا يفتر
ينفون عنه إفك كلٍّ معاندٍ ... بدلائلٍ متلألئاتٍ تزهر
ويقونه شبه الشُّكوك بجهدهم ... فيظلُّ بعد الشَّكِّ وهو مشهّر
ويميِّزون صحيحه وسقيمه ... بمقالة تبيانها لا يقصر
لله درُّهم رجالاً ما لهم ... في هذه الدُّنيا مغانٍ تعمر
في الله محياهم وفيه مماتهم ... وهم على كلف المشَّقَّة صبَّر
قنعوا بمجرى قوتهم من دارهم ... ورضوا بأطمارٍ رثاثٍ تستر
ما ضرَّهم ما فات من دنياهم ... فلذيذ عيشهم الهنيُّ مؤخَّر
وأنشدنا القاضي الإمام الكامل زين الدين أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن /٢٥٨ ب/ بن عبد الله ابن علوان الأسدي –رحمه الله- بمنزله المعمور، يوم الثلاثاء،