للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت ولادته بحماة في حدود سنة ست وثمانين وخمسمائة، هكذا ذكر لي لما سألته عن ذلك فقال: كان لنا في العمر سنة ونصف، لما توفي والدي، وكانت وفاة والده في سنة /٢٦١ ب/ ثمان وثمانين وخمسمائة، وكان اجتماعي بالملك الفائز في شهر ذي القعدة سنة سبع وثلاثين وستمائة.

ترك ما كان عليه من أمور الإمارة والخدمة، وصار صوفياً يطلب الصوفية، ويعاشرهم، ويعاني قول الشعر الحجازي، ويلقيه على المغنين فيغنون به، ويتداولونه.

وشعره سهل الألفاظ سلس، وهو كثير العناية بصنعة الدوبيت، وحضور السماعات، ومعاشرة الفقراء.

أنشدني بحلب المحروسة في شهر ذي القعدة سنة سبع وثلاثين وستمائة لنفسه: [من الطويل]

إذا نفحت ريح المحصَّب من نجد ... طربت لمسراها بما هاج من وجدي

ثملت بريَّاها وحمَّلت نفحها ... غرامي بلقيا جيرة العلم الفرد

ألا يا صبا نجدٍ بحقِّك بلِّغي ... أحبَّتنا من شدَّة الشَّوق ما عندي

أسائلها عن ساكني الحيِّ سحرةً ... فتخبر أنَّ الظَّاعنين على عهدي

فيا لك من ريحٍ إذا هبَّ نفحها ... تزيد الَّذي في القلب من شدَّة الوقد

تحدِّث أخبار الغرام عن الحمى ... وتسنده نقلاً عن البارق النَّجدي

لها بأسانيد المحبَّة شاهدٌ ... صحيحٌ بما ترويه في الحبِّ عن عهد

/٢٦٢ أ/ عسى زائرٌ يأتمُّني من بلادهم ... أسائله من حلَّ دارهم بعدي

أحنُّ إلى الأوطان من ربع لعلعٍ ... وأعشق نشر الشِّيح والبان والرَّند

ولولا قدود الهيف ما كنت مولعاً ... بترنيح بان مذكرٍ أهيف القدِّ

فلا عيش إلاَّ ما قطعناه في الحمى ... بأيام لهوٍ أشبهت زمن الورد

<<  <  ج: ص:  >  >>