كانت ولادته عل ما أخبرني من لفظه يوم السبت ثالث عشر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين وخمسمائة.
رجل متصرف في الأعمال الديوانية، فيه ذكاء وفطنة، ويعمل الشعر الصالح طبعًا، ولم يكن عنده شيء من علم العربية، ولا اشتغل به، وربّما مرّ له أبيات لا بأس بها، ويضاف إلى ذلك معرفته بعلم الحساب، وبالتصرف في إيراد أنواعه [وكان] يتولى بحلب الاستيفاء بديوانها العالي، وله أشعار كثيرة في المقطعات الغزلية وغيرها.
أنشدني لنفسه: [من مجزوء الرمل]
إنَّ يومًا أنت فيه ... لست تدري ما وراه
لا تضع حقَّك فيه ... لفقيد لن تراه
ليس بالحزن عليه ... يمنح الدَّهر لقاه
لا ولا يلقى شقاءً ... أقرب النَّاس سلاه
فاغنم العمر ولو فا ... رقت في الغنم رضاه
وأنشدني لنفسه: [من المتقارب]
ولمّا حكى مستدير العذار ... على صبح خدِّك خيط الظَّلام
توهَّمه مزريًا بالجمال ... متى نزَّه الوهم طيب المنام؟
ولم يدر- أفديك- أنَّ العذار ... طراز الجمال ومسك الختام
وأنشدني لنفسه: [من الكامل]
يا لائمي في حبِّ معسول اللَّمى ... لو بالهوى يقضي عليك الأوجس
لعلمت أنَّ اللوم مرٌّ في الهوى ... وعرفت ما فيه إذًا أتوجَّس
وتركتني وهواي من في حبِّه ... سمعي الأصمُّ ودمعي المتبجَّس
قمرٌ لعيني ما يلذُّ بوجهه ... فبخاطري سلوانه لا يهجس
الخدُّ وردٌ والشِّفاه شقائقٌ ... والخطُّ آسٌ واللَّواحظ نرجس
والثَّغر درٌّ في العقيق وخصره ... ما إن به ما يأكلنَّ الجرجس
والصُّدع عقربه فلا راقٍ لها ... واللَّفظ سحرٌ ليس منه محبس