للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدع غرور الأماني فهي كاذبةٌ ... وكن على وجلٍ منها وفي حذر

فكلُّ جمعٍ إلى التَّشتيت موئله ... وكلُّ حلوٍ فعقباه إلى مقر

وقال: [من الكامل]

رفقًا بمن أمسى لديك قتيلا ... يشكو الضَّنى وصبابةً ونحولا

وحسام بينٍ مولعٍ بشباته ... ماضي المضارب لم يزل مسلولا

يا عاذلي على الغرام إليكما ... عنِّي فإنِّي لا أطيع عذولا

أظننتما أسلو هواه وحبَّه ... أو أنَّني أرجو إليه سبيلا

فقفا على وادي الأراكة والنَّقا ... فعسى الوقوف به يبلُّ غليلا

فلعلَّ من جلب السَّقام فراقه ... يحنو ويسعى بالوصال قليلا

فالقلب من ألم الفراق مولَّهٌ ... والطَّرف أصبح بالسُّهاد كليلا

عوجا على تلك الخيام فربعها ... فيه لذي الداء الدواء ...

فلقد وقفت على رباها حائرًا ... والعيس تطوي البيد ميلًا ميلا

صار السُّهاد لجفن عيني مألفًا ... يلقي مع السَّعات فيه مسيلا

وقال بتكريت، وعرض في المعنى إلى شدَّة شوقه إلى والده ببغداد، وأنشدنيه:

[من الخفيف]

دمع عيني من الجفون سكوب ... وحشا حشوها أسىً ولهيب

وسقامٌ له ترقُّ الأعادي ... وغرامٌ به تذوب القلوب

إنَّ بين الضُّلوع نارًا تلظّى ... فالهوى واقدٌ وشوقي حطوب

ما تريد النُّوى بنا كلَّ يومٍ ... منه تأتي فجائعٌ وخطوب؟

فرَّقتنا يد الشّتات فما العيـ ... ـش بحلوٍ ولا الحياة تطيب

كيف بالعيش للمشوق أليفًا ... فاته الصَّبر حيث غاب الحبيب؟

يا غريب الدِّيار كن لي أنيسًا ... إنَّما يألف الغريب الغريب

يتشاكى سهام بينٍ إذا ما ... ندبتها يد الفراق تصيب

فلكم بالفراق سحَّت جفونٌ ... ولكم بالنَّوى قلوبٌ تذوب

لا تلمني إن نمَّ بالسِّر دمعي ... ما يلام المفجَّع المكروب

فهيامي بهم به ضجّ جاري ... وسقامي قد حار فيه الطَّبيب

<<  <  ج: ص:  >  >>