ولم يجتمع شوقٌ مع الطرس لحظةً ... وهذا هو العذر الذي لن يكيَّفا
وأنشدني لنفسه وقد جاءه من صديق له كتاب: بمن المتقارب]
أتاني كتابك يا مالكي ... فهيَّج قلبي لذكراكم
وضاعف شوقي وزاد الغرام ... جنونًا إلى حسن رؤياكم
فأنشدت حين تأمَّلته ... ولم أك والله أنساكم
لئن غبت عنك فإنَّ الفؤاد ... مشوقٌ إلى طيب لقياكم
وأنشدني لنفسه: [من الطويل]
بنفسي أفدِّي كلَّ ضيمٍ بمؤمنه ... وإن حرمتني لذَّة النَّوم والسِّنه
وإن قبحت بالهجر يومًا فطالما ... أتت بوصالٍ لم تزل فيه محسنه
وأنشدني لنفسه يرثى عمَّه، ويعزي والده، وأنفذها إليه، ووالده بنصيبين، وعبد الصمد يقيم بالموصل: [من الطويل]
ولمَّأ أتى ما صمَّ سمعي بذكره ... وإن كننت في حال الحقيقة أسمع
شققت ردائي حسرةً وندامةً ... ولو شقَّ منِّي القلب ما كنت أقنع
وأضحى به صبري يغيض وأدمعي ... تفيض ونار الحزن في القلب تلذع
وذاك قليلٌ في فراق أحبَّتي ... وقد كنت أرجو الاجتماع وأطمع
وكنت إذا حدَّثت قلبي ببعدهم ... يكاد من الوجد المبرح يصدع
فكيف نوىً لا أستلذٌّ لأجلها ... بعمر ولو كان الَّذي أتوقع
ولكن أسلِّي النَّفس عمّا أصابها ... بقاؤك لي إذ من بقائك مقنع
وأنشدني لنفسه ما كتبه إلى والده بنصيبين، وعبد الصمد بسنجار: بمن الكامل]
وافي الكتاب وفي فؤادي لوعةٌ ... لم يلقها أحدٌ من العشّاق
فقرأته والنار تحرق مهجتي ... والدَّمع منسكبُّ من الآماق
وشكوت من ألم الفراق وبعض ما ... لاقيته من شدَّة الأشواق
وسألت من جرت النَّوى بقضائه ... ما بين مشتاقٍ إلى مشتاق
دعوى غريبٍ طالبٍ لقبوله ... أن يعقب الإبعاد يوم تلاقي