للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أول صوت دعاك عن عرض ... لبيته مقبلاً علي السَّبب

قد كنت ذاك الَّذي يظنُّ به ... لو لم تكن مسرعاً إلى الرُّتب

إن كان ما قد منحت ممتحناً ... فما صبرت اصطبار ذي أرب

أو كنت مستخفياً سعيت لها ... يا خسرها صفقةً علي النصب

شيخي أين الَّذي يعلَّمنا الزُّهد ويعتدُّه من القرب

أين الَّذي لم يزل يسلَّكنا ... إلى خروجٍ عن كلِّ مكتسب

أين الَّذي لم يزل يعرِّفنا ... فضل التعري والجوع والسَّغب

أين الَّذي لم يزل يرغِّبنا ... في الصُّوف لبساً له وفي الجشب

وأين من كان مزعجاً اسقاً ... زفيره قلب كل مرتغب

وأين من كان قابلاً نسكاً ... فضل قميص من أكثف الحجب

وأين من كان في بدايته ... يهيج هيج الجمال في الجرب

وأين من غرَّنا بزخرفه ... حتَّى اعتقدناه زاهد العرب

وأين ذاك .... يشعرنا ... أن سواه في السَّعي لم يجب

/٣٧ أ/ وأين من لم يزل يذمُّ لنا ... الدُّنيا وقول المحال والكذب

وأين من لم يزل يوهَّمنا ... منها فراراً بشدة الهرب

وأين من لم يزل بأدمعه ... يخدعنا باكياً علي الخشب

واين تلك الأنفاس صاعدةً ... من شدَّة الخوف مورد الخطب

وأين من كان في مواعظه ... يصول زجراً عن كل محتسب

ويقطع القول لا يتمِّمه ... منقلباً بالسَّماع والطَّرب

ومن ير الشَّيخ بعد خطبته ... ير أمراً غائباً ولم يؤب

فيقسم العمر أئَّه رجلٌ ... ليس له في الوجود من أرب

لو كانت الأرض كلُّها ذهباً ... أعرض عنها إعراض مكتئب

أسفر ذاك النَّاموس مختبئاً ... عن راغب في التُّراث مستلب

وكان ذاك الصُّراخ يزعجنا ... شكوي فقيرٍ علي الدُّني وصب

لو كان مولي الأنام عاينه ... يخطبنا في خشوع منتحب

أيقن منه بعد القبول إذا ... دعاء في رتبةٍ علي الرُّتب

<<  <  ج: ص:  >  >>