للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتوجه إلى بلاد الشام سنة ست وثلاثين، واستوطن دمشق، وتفقه على أبي القاسم عبد الملك بن زيد بن ياسين الدولعي الفقيه الشافعي، واشتغل على تاج الدين الكندي، وقرأ طرفًا من علم العربية، وسمع الحديث، وهو بهات مقيم له حلقة بالجامع يقرئ القرآن، وطرق القراءات وتعليلها.

سألته عن ولادته؛ فقال: تكون تقديراً سنة ثمان وستين وخمسمائة. ومع ذلك، اطبع في عمل الشعر، يقول منه القصائد والمقطعات.

أنشدتي لنفسه؛ بمدرسة الشيخ أبي عبد الله محمد بن أبي الفضل ابن زيد بن ياسين الدولعي في أوائل المحرم سنة أربعين وستمائة في النوق: [من الكامل]

وكريمة تحنو على أربابها ... فتقل أيديهم فويق المنكب

حتى إذا حملت به أهوى لها ... ضرباً وليست بالظلوم المذنب

فإذا العصيُّ تكنَّفت اكنافها ... جاءت كمثل العارض المتحلِّب

/٨٦ ب/ تهي إذا ضُربت بشهد جامدٍ ... وهنا وتحبسه إذا لم تُضرب

وأنشدني لنفسه: [من الوافر]

سل الركبان هن أمة الرَّحيم ... اباقيةٌ على العهد القديم

أم الأيام خلن دوين عهدي ... وصيَّرن المودَّة كالرَّمسم

سقى الله الفراق بكلِّ كفٍّ ... غداة البين شوباً من حميم

ولا برحت يد الأيّام صفراً ... من البين المشتِّ بكلَّ ريم

رويدك حادي الأضغان رفقاً ... بضبٍّ هائمٍ قلقٍ سقيم

رهين صبابة واسير شوقٍ ... مقيمٍ في جوانحه قديم

يعذبك البعاد وفي التَّداني ... فما يينفعك من ألم اليم

ويذكره دقوقة كل وقت ... على سخطٍ النَّوى مر النسيم

فيشرق بالزُّلال العذب طورًاً ... ويفهق تارةً بجوِّى مقيم

وما ينفكّ من ولهٍ وشوقٍ ... إلى تلك المعالم والرٌّسوم

وأنشدني أيضاً لنفسه: [من البسيط]

لا غرو ان صمّ يوم الدّين مسمعه ... وان جرى ساعة التّوديع مدمعه

<<  <  ج: ص:  >  >>