قال بعض الحكماء: يحسب الجاهل الشيء الذي هو لا شيء شيئاً، والشيء الذي هو الشيء لا شيء، ومن لا يترك الشيء الذي هو لا شيء، لا ينال الشيء الذي هو الشيء، ومن لا يعرف الشيء الذي هو الشيء، لا يترك الشيء الذي هو لا شيء، يريد الدنيا والآخرة، ذكره ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الدنيا.
[فصل ـ في أن يوطن الإنسان نفسه على توقع المصائب وأنها بقضاء الله وقدره]
ومما يسلي المصاب: أن يوطن نفسه على أن كل مصيبة تأتيه هي من عند الله وأنها بقضائه وقدره، وأنه سبحانه وتعالى لم يقدرها عليه ليهلكه بها، ولا ليعذبه، وإنما ابتلاه ليمتحن صبره ورضاه، وشكواه إ ليه وابتهاله ودعاءه، فإن وفق لذلك كان أمر الله قدراً مقدوراً، وإن حرم ذلك كان ذلك خسراناً مبيناً.
قال أبوالفرج بن الجوزي: علاج المصائب بسبعة أشياء:
الأول ـ أن يعلم بأن الدنيا دار ابتلاء، والكرب لا يرجى منه راحة.
قال الشاعر:
وما استغربت عيني فراقا ًرأيته ...
... ولا علمتني غيرما القلب عالمه
الثاني ـ أن يعلم أن المصيبة ثابتة.
الثالث ـ أن يقدر وجود ما هو أكثر من تلك المصيبة.
الرابع ـ النظر في حال من ابتلي بمثل هذا البلاء، فإن التأسي راحة عظيمة.
قالت الخنساء:
ولولا كثرة الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلت نفسي
وما يبكون مثل أخي ولكن ... أعزي النفس عنه بالتأسي
وهذا المعنى قد حرمه الله عز وجل أهل النار، فإن المخلدين فيها كل واحد