كبيراً أو أنه شاب أو كهل يحجر على من ذكرته من قرابة أو ولد ونحوه، أو له خلق شديد، وأخص منه إن كان ذا مال وقد رأيت في زماننا من كان من أصحاب الأموال وهو محسن لأهله وأقاربه، فمرض فأوصى بوصايا لأقاربه لمن ليس بوارث في الحال، فلما مات خلف مالاً جزيلاً، فاشتغل الوارث وغيره بالمال عن الحزن عليه، فأخذوا في الخصام عليه وتفرقته.
فهذا، وهو محسن إليهم بماله، وما أخذوه فهو سريع الذهاب، وأما بره إليهم لو بقي حصل لهم أضعاف ذلك.
فلا ينبغي للعبد أن يحزن لفراق من لا يحزن لفراقه.
وذكر أبو القاسم بن عساكر، قال: أنشدني محمد بن الأشعث لنفسه، في ذم الحزن من حيث هو:
قلم القضاء جرى بكل مكون ...
... يا صاحب الأحزان ماذا تحزن!
إن كان سخطك ليس يجلب راحة ...
... فرضاك بالبلوى أحق وأحسن
والثاني الرجاء لملاقاة من هو أحب إليه منه، وما من مؤمن يموت فيؤثر الرجوع إلى الدنيا ولو أنها جميعها له إلا الشهيد.
فإنه يحب الرجوع ليقاتل مرة أخرى، لما يرى من عظم أجر الشهادة، كما سيأتي ذكره بعد.
«وقد روى الإمام أحمد في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من نفس مؤمنة مسلمة يقبضها ربها عز وجل تحب أن تعود إليكم وأن لها الدنيا وما فيها» .
[فصل ـ فيما ذكر في النعي والمناداة على الميت]
وهو إعلام الناس بموت الشخص، على ما يفعله أهل زماننا بالكبير أو بالمشهور، ويرسلون منادياً يعلم الناس به.
قال العلامة ابن القيم في الهدي: «وكان من هديه صلى الله عليه وسلم ترك نعي الميت، بل كان ينهىعنه ويقول: وهو من عمل الجاهلية» .
انتهى كلامه.
وقال الحافظ ضياء الدين رحمه الله في أحكامه: باب كراهة النعي، وساق في الباب ثلاثة أحاديث، منها: «عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم