عمله الصالح الذي يثاب عليه، كالصائم إذا احتسب جوعه وعطشه.
«وقد قال صلى الله عليه وسلم: لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك» والخلوف تولد عن صومه بغير اختياره، ولكن تولد عن عمل صالح، وكذلك القائم بالليل، إذا احتسب تعبه وسهره، فإن الأذى الذي يحصل باختيارك في طاعة الله، أنت جلبته على نفسك باختيارك طاعة الله، فليس هو كمن أوذي بغير اختياره، فإن ذلك أذاه مصيبة محضة، لكن هي حق له على الظالم.
وقال الشيخ ـ رحمه الله ـ «في قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيراً له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيراً له» .
وهي نفسها تكفر خطاياه ويؤجر على الصبر عليها، ففيها له مغفرة من جهة ما يكفره من الخطايا.
وله فيها رحمة من جهة ما يؤجر على الصبر عليها، لا سيما إذا اقترن بها توبة وإنابة إلى الله، وتوكل عليه وتوحيد له وإخلاص الدين له، فإنها تكون من أعظم النعم، ومصيبة تقبل بها على الله خير لك من نعمة تنسيك ذكر الله.
وقال بعض السلف: يا ابن آدم، لقد بورك لك في حاجة أكثرت فيها قرع باب سيدك.
«وفي الحديث إذا قالوا للمرض: اللهم ارحمه، يقول الله عز وجل: كيف أرحمه من شيء به أرحمه؟» .
وفي الأثر: يا ابن آدم، البلاء يجمع بيني وبينك، والعافية تجمع بينك وبين نفسك.
انتهى.
والمقصود من كلام الشيخ ـ رحمه الله ـ أن كل ما تولد عن عمله الصالح من المصائب أثيب عليه، بخلاف المصائب التي لم تتولد عن عمله، فإنها مكفرات لا مثيبات.
ت
فصل ـ في قوله أيضاً رحمه الله في أن المصائب نعمة من نعم الله تعالى
قال الشيخ رحمه الله: وكثير من الناس لا يعرف النعمة إلا ما يلتذ به في دنياه، كما قال بعض السلف: من لم يعرف نعمة الله إلا في مطعمه ومشربه، فقد قل علمه، وحضر عذابه.