[الباب التاسع والعشرون: في ذكر سعة رحمة الله ومن مات على التوحيد]
قال الله تعالى:{ورحمتي وسعت كل شيء} وفي الصحيح «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يجيءيوم القيامة ناس من المسلمين، بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى» .
وقد تقدم «في حديث أبي هريرة: لكل أحد منزل في الجنة ومنزل في النار، فالمؤمن إذا دخل الجنة، خلفه الكافر في النار، لاستحقاقه ذلك بكفره» ، كما «ورد في الصحيح: هذا فكاكك من النار» .
وهذه بشارة عظيمة للمسلمين أجمعين، حتى قال الشافعي وعمر بن عبد العزيز ـ رضي الله عنهما ـ هذا الحديث أرجى حديث المسلمين، لما فيه من التصريح بفداء كل مسلم.
وفي الصحيحين «من حديث أبي سعيد مرفوعاً، إلى أن قال فيه: فيقال أخرجوا من عرفتم.
يعني من النار ـ فتحرم صورهم عن النار، فيخرجون خلقاً كثيراً، وقد أخذت النار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه، فيقولون: ربنا ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به، فيقول: ارجعوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً إلى أن قال: ثم يقال ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً» وكان أبو سعيد الخدري يقول: إن لم تصدقوني بهذا الحديث، فاقرؤوا إن شئتم:{إن الله لا يظلم مثقال ذرة، وإن تك حسنة يضاعفها} الآية.
«فيقول الله: شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار، فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط، قد عادوا حمماً، فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة، يقال له نهر الحياة، فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل، قال: فيخرجون كاللؤلؤ