خلقها الله عليه من السعادة والشقاوة في المبتدأ، فالأرواح قسمين متقابلين، فإذا تلاقت الأجساد في الدنيا ائتلفت واختلفت، بحسب ما خلقت عليه، فيميل الأخيار إلى الأخيار، والأشرار إلى الأشرار.
انتهى كلامه.
ومن هذا الباب احتج آدم وموسى، قال الحسن: معناه التقت أرواحهما في السماء، فوقع الحجاج بينهما.
قال القاضي عياض: ويحتمل أنه على ظاهره، وأنهما اجتمعا بأشخاصهما.
وقد ثبت في حديث الإسراء أن النبي صلى الله عليه وسلم اجتمع بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين في السموات، وفي بيت المقدس، وصلى بهم، قال: فلا يبعد أن الله أحياهم.
قال: ويحتمل أن قصة موسى جرت في حياة موسى وأنه سأل أن يريه آدم فحاجه، والله أعلم.
[فصل ـ هل الأرواح محدثة عند خلق البدان أم قديمة]
وهل الأرواح مخلوقة محدثة، كائنة بعد أن لم تكن، أم قديمة؟ وهي من أمر الله، ولا يكون أمر الله مخلوقاً ولا محدثاً، وقد أخبر أنه نفخ في آدم من روحه، فهذه الإضافة إليه، هل تدل على أنها قديمة أم لا؟ وما حقيقة هذه الإضافة؟
قال العلامة ابن القيم: وهذه مسألة زل فيها عالم، وضل فيها طوائف من بني آدم، وهدى الله أتباع رسوله فيها للحق المبين.
فأجمعت الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين على أن الروح محدثة مخلوقة مصنوعة مربوبة مدبرة، هذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام أن العالم حادث، وأن معاد الأبدان واقع، وأن الله وحده الخالق وكل ما سواه مخلوق له ـ حتى نبعت نابعة ـ فمن قصر فهمه في الكتاب والسنة زعم أنها قديمة غير مخلوقة، واحتج بأنها من أمر الله وأمره غير مخلوق، وبأنها أضافها إليه كما أضاف إليه علمه وحياته وقدرته، وتوقف في ذلك آخرون فقالوا: لا نقول مخلوقة ولا غير مخلوقة.
انتهى كلامه.
وقال الحافظ بن مندة، لما سئل عن الأرواح، هل هي مخلوقة أم لا؟ فقال: أن الناس اختلفوا في معرفة الأرواح ومحلها من النفس، فقال بعضهم: الأرواح كلها مخلوقة، وهذا مذهب أهل الجماعة والأثر، واحتجت «بقوله صلى الله عليه وسلم: الأرواح