للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب الثاني ـ في البكاء على المصيبة وما ذكر العلماء في ذلك]

البكاء أصله بكي على فعول، قال الجوهري: البكاء يمد ويقصر، فإذا مددت أردت الصوت الذي يكون مع البكاء، وإن قصرت أردت الدموع وخروجها، وبكيت الرجل وبكيته إذا بكيت عليه.

قال الشاعر:

بكت عيني وحق لها بكاها وما يغني البكاء ولا العويل

هذا من جهة اللغة، وهو رقة ورحمة في قلوب عباد الله، فالبكاء على الميت في مذهب الإمام أحمد وأبي حنيفة: جوازه قبل الميت وبعده، واختاره أبو اسحق الشيرازي، وكرهه الشافعي وكثير من أصحابه بعد الموت، ورخصوا فيه قبل خروج الروح.

واحتجوا بحديث «جابر عن عتيك ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت، فوجده قد غلب، فصاح به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يجبه، فاسترجع، وقال: غلبنا عليك يا أبا الربيع، فصاح النسوة وبكين، فجعل ابن عتيك يسكتهن، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعهن، فإذا وجب، فلا تبكين باكية، قالوا: وما الواجب يا رسول الله؟ قال: الموت» .

رواه الإمام أحمد وأبو داود، وهذا لفظه، والنسائي وابن ماجة.

قالوا: وفي الصحيحين «من حديث عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه» وهذا إنما هو بعد الموت، وأما قبله فلا يسمى ميتاً.

«وعن ابن عمر أيضاً، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم من أحد، سمع نساءً من بني عبد الأشهل، على هلكاهن يبكين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكن حمزة لا بواكي له، فجئن نساء الأنصار، فبكين على حمزة عنده، فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

<<  <   >  >>