[الباب الثلاثون: في فضل الزهد في الدنيا والتسلية عنها والرغبة في الآخرة]
قال الله تعالى:{قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلاً} فالاستمتاع بالدنيا قليل، ومتعتك بها قليل من قليل، وثواب الآخرة خير وأفضل لمن اتقى المعاصي وأقبل على الطاعات.
ومما ينبغي أن يعلم: أن هذا الباب من أنفع الأبواب لمن تدبره، فإن الدنيا دار قلعة وزوال، ومنزل نقلةو ارتحال، ومحل نائبه وامتحان، ومتاع غرور وافتتان، فلا ييأس على ما فات منها، ولا يفرح على ما وجد منها، ولا يجزع على ولد أو نفس تموت، ولا يحزن على أمر يفوت.
«عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي، فقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل» .
وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت، فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت، فلا تنظر السماء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك.
رواه البخاري.
قال جماعة من العلماء في تفسير هذا الحديث: لا تركن إلى الدنيا، ولا تتخذها وطناً، ولا تحدث نفسك بطول البقاء فيها، ولا بالاعتناء بها، ولا تغتر بها، فإنها غرارة خداعة، ولا تتعلق إلا بما يتعلق به الغريب في غير وطنه، ولا تشتغل فيها إلا بما يشتغل به الغريب الذي يريد الذهاب إلى أهله، وبالله فاستعن.
«وعن سهل بن سعد الساعدي، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، دلني على عمل، إذا عملته أحبني الله، وأحبني الناس، فقال: ازهد في الدنيا،